توسعت خلال اليومين الأخيرين رقعة الاحتجاجات الرافضة لتأجيل الانتخابات الرئاسية بالسنغال والتي كانت مقررة يوم 25 شباط/ فبراير الجاري، وسط مخاوف من انزلاق البلد الغرب أفريقي إلى حالة من الفوضى وعدم الاستقرار.
واندلعت احتجاجات واسعة في مناطق مختلفة من البلاد أسفرت عن مقتل 3 متظاهرين وإصابة العشرات، فيما يتصاعد الغضب الشعبي في البلاد.
وتصدت الشرطة السنغالية بالقوة للمحتجين ما تسبب في مقتل طالب جامعي يبلغ من العمر 22 سنة في سان لوي شمال البلاد، وتاجر يبلغ 23 عاما في العاصمة داكار التي انطلقت منها مظاهرات رفض التمديد، بالإضافة إلى طالب جامعي يبلغ من العمر 19 سنة في زيغينشور جنوب البلاد.
وكان البرلمان السنغالي صوت لصالح قرار الرئيس الحالي ماكي صال تأجيل الانتخابات الرئاسية إلى يوم 15 كانون الأول/ ديسمبر القادم، فيما تقدم 14 مرشحا لهذه الانتخابات بطعن أمام المحكمة العليا.
وبهذا التأجيل يواصل ماكي صال مهامه كرئيس للسنغال إلى أن يتم تنصيب خلف له في مطلع 2025 على الأرجح، مع العلم أن ولاية الرئيس كانت تنتهي رسميا في الثاني من نيسان/ أبريل القادم.
تعهد بتهدئة
وعقب مقتل 3 متظاهرين واتساع رقعة الاحتجاجات في مختلف مناطق البلاد، تعهد الرئيس ماكي صال بالعمل من أجل "تهدئة الأوضاع، وتوفير الظروف التي تسمح للبلد بأن يكون سلميا".
وأشار ماكي صال، في تصريحات صحفية، إلى أنه لا يريد أن يترك خلفه "البلاد وهي على حافة الغرق في صعوبات كبيرة".
وأضاف: "لا أسعى إطلاقا إلى أي شيء، سوى ترك بلد ينعم بالسلام والاستقرار" في محاولة منه لطمأنة الرأي العام الداخلي، والمجتمع الدولي بأنه لن يترشح لولاية رئاسية جديدة.
ولفت إلى أن تدخله وإعلانه تأجيل الانتخابات الرئاسية عن موعدها المقرر في 25 من شباط/ فبراير الجاري "كان ضروريا لمنع حدوث فوضى انتخابية أسوأ".
وساطة متوقعة
ومن المقرر أن يزور الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو السنغال في وقت لاحق، الاثنين.
ويتوقع أن يجري الرئيس النيجيري مباحثات مع الرئيس السنغالي ماكي صال، حول تطورات الأزمة السياسية بالبلد.
ويرى المحلل السياسي المهتم بالشأن السنغالي، أحمد ولد محمد فال، أن زيارة الرئيس النيجيري، قد تكون بداية لوساطة أفريقية لاحتواء الأزمة السياسية المتصاعدة في السنغال.
وأشار ولد محمد فال، في تصريح لـ"عربي21" إلى أن الفترة القادمة ستعرف حراكا أفريقيا على مستوى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) أو الاتحاد الأفريقي، من أجل منع انزلاق السنغال إلى مزيد الفوضى والاضطراب.
وكانت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) قد دعت إلى الابتعاد عن "أي إجراء أو إعلان يمكن أن يتعارض مع أحكام الدستور السنغالي"، وحثت "السكان والطبقة السياسية على الحفاظ على السلام والاستقرار في البلاد".
وأوضحت "إيكواس" في ثاني بيان لها منذ بدء الأزمة السنغالية، أنها "تشجع بقوة، في هذا السياق المتوتر، الطبقة السياسية السنغالية على اتخاذ على وجه السرعة، التدابير اللازمة لاستعادة الأجندة الانتخابية وفقا للدستور".
وفي السيناريوهات المتوقعة للمشهد السنغالي، يرى متابعون أن الرئيس الحالي ماكي صال قد يعمل من أجل اختيار مرشح جديد للحزب الحاكم يحظى بإجماع وموافقة أوسع، في ظل تقارير تتحدث عن ضعف شعبية المرشح الحالي رئيس الحكومة، أمادو با، أو يتراجع عن قراره السابق بشأن عدم الترشح لولاية رئاسية ثالثة ويعلن عن خوض الانتخابات القادمة بنفسه.
لكن متابعين يرون أن سيناريو ترشح ماكي صال لولاية رئاسية ثالثة ستكون له تداعيات كبيرة، وسيحدث مزيدا من الفوضى والاضطرابات.
ويرى مراقبون أن سيناريو إجبار النظام الحاكم حاليا على تحديد موعد سريع لتنظيم الانتخابات، مع الإبقاء على المرشحين الحاليين لا يزال مطروحا.
وهذا السيناريو إن حدث فسيكون الفوز للمعارض باسيرو ديوماي فاي، الذي صادق المجلس الدستوري على ترشيحه رغم كونه مسجونا منذ نحو سنة واردا جدا، وهو سيناريو يخشاه النظام الحاكم حاليا، خصوصا أن المعارض باسيرو ديوماي فاي، فرض نفسه في الأسابيع الأخيرة كمرشح قادر على الفوز.