القراءة في زمن الجائحة.. مبادرة "التهام الكتب" على إنستغرام وفيسبوك
- الجزيرة نت الجمعة, 11 ديسمبر, 2020 - 02:49 مساءً
القراءة في زمن الجائحة.. مبادرة

في 12 يوليو/تموز 2020، أطلق ناشطون شباب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بينهم 5 فلسطينيين وليبية وتركية، مبادرة تحث على القراءة اتخذت لها اسم "The bookworms"، والاسم ذاته يعني "المثقفون"، في محاولة لتشجيع الناس على القراءة إيمانا بأهميتها، وجاءت المبادرة متزامنة مع ظروف الحجر المنزلي تحت وطأة جائحة كورونا.

 

تعزيز قيمة القراءة

 

فكرة المبادرة التي فتحت نافذة تفاعلية على فيسبوك -إضافة إلى إنستغرام- يوم 7 أغسطس/آب الماضي، هي البحث عن أشخاص لديهم تجارب ملهمة تعزز من قيمة القراءة واقتناء الكتب، لاستضافتهم كي يشاركوا قصصهم مع الآخرين من خلال مقابلات تجرى معهم عن طريق الإنترنت، ثم نشر قصصهم الملهمة بثلاث لغات: العربية والإنجليزية والتركية.

 

150 قصة

 

بلغ عدد متابعي صفحة المبادرة على إنستغرام أكثر 4400 متابع، وعلى فيسبوك قرابة 5875 متابعا حتى الآن، في حين تمكّن فريق المبادرة من تقديم 75 قصة تحث على القراءة من أصل 150 قصة تم الاستماع لها خلال الأشهر القليلة الماضية.

 

"هدفنا الأساسي تشجيع الناس على القراءة ونشر الوعي بشأن أهميتها، فضلا عن التعريف بأهم الكتاب والمؤلفين والأدباء حول العالم، ونشر ثقافة القراءة عمومًا"، يقول مؤسس المبادرة مؤمن نصار للجزيرة نت.

 

ويكشف مؤمن (25 عاما، بكالوريوس تاريخ وآثار، يعمل حاليا في التجارة، وهو فلسطيني يقيم في إسطنبول منذ عام) كيف انطلقت المبادرة قائلا "كنت جالسا مع شخص مُلم بالتاريخ، تحدثنا عن فلسطين وصراعها مع الاحتلال الصهيوني، سألني عن كاتب يهودي ضد الكيان الصهيوني ومؤلف كتاب (اختراع الشعب اليهودي) شلومو ساند الذي لم أكن أعرفه".

 

نصيحة أطلقت مشروعًا

 

"بذلك قدم ليّ هذا الشخص نصيحة أن أكون أكثر إلمامًا حيث إنني تخصصتُ في التاريخ. ومن هنا بدأتُ مشروعا يشجعني ويشجع غيري على القراءة". ويضيف مؤمن "جميع القصص التي عملنا عليها ملهمة وتلهم الكثير وتشجع على القراءة".

 

ويرى مؤمن أن الإقبال على منشورات صفحة المبادرة على فيسبوك ضعيفٌ نوعا ما، في حين أن الإقبال على صفحة إنستغرام "جيدا كبداية"، إلا أنه يتطلع إلى انتشار أوسع لنشاط المبادرة في المستقبل.

 

أما فريق العمل وتوزيع المهام، فإلى جانب مؤمن نصار (مدير المشروع التطوعي)، هناك الفلسطينية ماري فتحي، وهي كاتبة المحتوى تعمل على صياغة القصص وإدارة الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

وأيضا هناك الفلسطينيان أحمد الشرفا وأحمد لافي اللذان يعملان بالمونتاج والتصميم وطرح الأفكار، والليبية فاطمة الزهراء عبد السلام التي تعمل على مشروع الإنتاج الصوتي (البودكاست)، والفلسطينية هدى لمزيني التي تترجم القصص من اللغة العربية إلى الإنجليزية، والتركية ديلبر الشافعي التي تترجم القصص من الإنجليزية إلى التركية.

 

عصر الهواتف الذكية

 

وتقول ماري فتحي (21 عامًا، تقيم في غزة) إنها درست الإعلام وتكنولوجيا الاتصال لكنها لم تكمل دراستها بعد، وتعمل كاتبة ومعدة تقارير رقمية في منصة إعلامية، وتؤكد أهمية الاستفادة من استخدامنا للهواتف الذكية، كونها باتت إحدى أهم أدوات التواصل في عصرنا الراهن، من أجل تعزيز قيمة القراءة.

 

وتضيف للجزيرة نت "كثيرون يطلبون منا كتبًا ليدشنوا بها رحلاتهم مع القراءة، وكان مشروعنا هو الذي ألهمهم بشكل رئيسي، هذا سبب كافٍ لنكون سُعداء بعملنا. تعبنا هذا لا يذهب هباءً منثورا".

 

ابتسامة رضا

 

وتعتبر ماري نفسها محظوظة عندما تقوم بصياغة القصص وكتابتها، حيث تقول "حين يصادفني شعورٌ ما كتبه قارئ في نصه لم أستطع أنا وصفه وشرحه بكلمات مكتوبة، ترتسم على وجهي ابتسامة رضا مليئة بالامتنان".

 

عن التواصل واختيار المتحدثين وآلية النشر، تشير فتحي إلى أنه في بادئ الأمر نطرح الأسئلة على القراء، ومن خلال إجاباتهم نقوم بصياغة القصص وكتابتها، وبجانب ذلك نطلب منهم توصياتهم بالكتب التي تركت أثرًا جميلا لديهم، وكتبًا يمكن ترشيحها لمتابعي الصفحة.

 

وتتابع أن "أغلب المقابلات مع المتحدثين تتم من خلال التواصل عبر الإنترنت، وبالنسبة لمن هم موجودون في إسطنبول وغزّة فيتم إجراء المقابلات معهم على أرض الواقع".

 

في حب القراءة

 

وتبيّن فتحي أنه من بين الأسئلة التي توجهها الصفحة لأصحاب التجارب في القراءة: كيف بدأت مع القراءة؟ كيف أثرت عليك وعلى حياتك؟ وكيف نما حبها لديك؟ ما أهميتها في رأيك؟ ما الذي اكتسبته من خلالها؟ وما الكتب التي تركت أثرًا لا يمحى لديك؟

 

وتستدرك "في الوقت نفسه، لا نجعلهم يحصرون أنفسهم بهذه الأسئلة، بل نترك لهم المساحة ليطلقوا العنان لكل حديث يلهم القارئ".

 

"تشبيك فكري"

 

ويعتقد الفلسطيني محمد الحاج -صاحب تجربة ملهمة مع القراءة وأحد الذين تمت استضافتهم- أن مبادرة "كتب" محفزّة لأنها تنشر ثقافة المطالعة وإن بشكل افتراضي، وفي المقابل "تخلق تشبيكا فكريّا ووسطا أكثر هدوءا وملاءمة".

 

للحاج تجربة شيقة مع القراءة والكتب، فهي درع يحميه في بلد غربته البعيد ألمانيا، ويقول "بالنسبة لمغترب في حالتي، تشكّل القراءة درعًا لحماية الهوية الثقافية والأدبية واللغوية".

 

ويلفت الحاج إلى أن قراءاته "كانت متشعبة في الدين والعلوم والسِيرِ الفردية والمجتمعية"، وبالتالي، أتاحت له الانفتاح على الكثير من الأفكار التي يتمّ تجاذبها في هذا الخليط من الثقافات، وصقل الفكر الخاصّ الذي يؤدي بالضرورة لأن يجد الشخص ما يصبو إليه، ويكتشف نفسه وقدراتها وينبش كنوزها الدفينة.

 

وأردف "في ظلّ ما نعيشه اليوم من محاولات تغيير الواقع المجتمعي والذاكرة الجماعية، وفي ظل كلّ هذه الاستقطابات الفكرية بين الخير والشر، والحروب المسلطة تجاه الأفكار، تبقى صفحة "كتب" ملاذًا للخروج -ولو مؤقتًا- إلى فضاءات أخرى يعيش فيها القارئ مع أفكار القراء الآخرين وتجاربهم بما يتيح للجميع فرصة للتفكير والتطور".

 

مساحة "معرفية" آمنة

 

وتوفر صفحات المبادرة على إنستغرام وفيسبوك، وفقًا لليبية المقيمة في إسطنبول فاطمة الزهراء عبد السلام، مساحة آمنة يتبادل فيها القراء الآراء والخبرات المعرفية، كما أنها تنشر ثقافة القراءة في الأوساط الشابة، وبالتالي تسهم في خلق مجتمع بنّاء.

 

وتضيف فاطمة الزهراء للجزيرة نت "أهمية هذا المشروع نابعة من حاجتنا الملحّة للتخلص من الاعتقاد السائد بنخبوية المطالعة وأن القراءة هي فعل ترفيهي فحسب"، لافتةً في السياق نفسه إلى ما توفره مبادرتهم من محتوى عربي قيّم للجيل الصاعد من الشباب العربي.


التعليقات