عمار الشريعي.. موسيقار حفلات مبارك الذي دعم الثورة ضده
- الجزيرة نت السبت, 17 أبريل, 2021 - 08:24 صباحاً
عمار الشريعي.. موسيقار حفلات مبارك الذي دعم الثورة ضده

[ الموسيقار الراحل عمار الشريعي (مواقع التواصل) ]

"يا مبارك..أنا عمار الشريعي اللي عمل اخترناك، وعمل إديها كمان حرية وشاركت في احتفالات أكتوبر 12 سنة، أرجوك وأناشدك تنازل عن هذا التعالي، دول ولادك، انزل كلمهم، قل لهم أنا هكمل مدتي وماشي ومش هرشح ابني".

 

كان هذا النداء من الموسيقار الكبير الراحل عمار الشريعي الذي تحل ذكرى ميلاده اليوم 16 أبريل/ نيسان، في مداخلة تلفزيونية في خضم أحداث ثورة يناير 2011، مفاجأة من فنان ارتبط اسمه بعصر الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، وفي وقت يتسابق فيه الفنانون لدعم مبارك وتشويه صورة المتظاهرين، كان الشريعي واحدا من قلائل يقفون بجانب صوت الشعب.

 

كما يحكي الشريعي في مداخلته مع المذيعة منى الشاذلي في برنامج العاشرة مساء، أن رأيه سرعان ما تغير في الجيل الذي قاد مظاهرات يناير، مؤكدا أنهم قادرون على التغيير، وقال إنه لم يدخل لجنة انتخابات في حياته، لكن بعد الثورة تغير الأمر وشعر بأهمية صوته الانتخابي.

 

ولم يتردد الشريعي أن يستغل اتصالا هاتفيا مع التلفزيون المصري لينتقد أداءه الإعلامي خلال تغطية المظاهرات، موجها انتقادات شديدة لمذيع الأخبار على الهواء مباشرة.

 

ولم تمر أيام قلائل حتى ظهر الشريعي على منصة ميدان التحرير، وسط آلاف المتظاهرين، ليقف على المنصة مرددا أبيات للشاعر سيد حجاب، رغم مرضه.

 

كفيف من دون مرافق

الموسيقار الكفيف الذي ملأ الإذاعة والتلفزيون المصري بألحانه، بدأ العزف على آلة الأكورديون في بداية السبعينيات، وتحول لآلة الأورغ، ثم تعلم العزف على البيانو والعود، ثم واصل دراسته للموسيقى بالمراسلة في مدرسة هادلي سكول الأميركية لتعليم المكفوفين والأكاديمية الملكية البريطانية.

 

وفي لقاء إذاعي تقول الإعلامية المصرية مريم أمين إن الشريعي جاء للدراسة في جامعة عين شمس في القاهرة، وعينت له عائلته مرافقا يساعده، لكنه قرر الاستغناء عنه في أول يوم في الجامعة ليصعد المدرج وحده.

 

وتضيف أن الشريعي عندما قرر التفرغ للموسيقى عقب انتهائه من دراسة الأدب الإنجليزي في الجامعة، عارضته والدته وطلبت من أسرته مقاطعته، لكنه أصر على استكمال طريقه.

 

الاتجاه للتلحين والتأليف

 

اتجه الشريعي للتلحين وتأليف الموسيقى عام 1975، وقدم أول ألحانه للفنانة مها صبري في أغنية "امسكوا الخشب" لتتوالى ألحانه لكبار المطربين.

 

وفي عام 1980 كون الشريعي فرقة الأصدقاء التي قدمت وجوها جديدة أبرزهم علاء عبد الخالق ومنى عبد الغني، محاولا مزج الموسيقى المعاصرة بالأصالة وتقديم تجربة غناء جماعي.

 

ورغم الرفض المبدئي من صناع السينما لأن يضع ألحان أفلامهم كفيف، لا يمكنه مشاهدة فنهم، فإن الشريعي تألق في وضع الموسيقى التصويرية لكثير من الأفلام السينمائية مثل "البريء" و"البداية" و"حب في الزنزانة" و"أحلام هند وكاميليا" و"كتيبة الإعدام"، متعاونا مع كبار مخرجي الثمانينيات مثل محمد خان وعاطف الطيب، كما وضع ألحان أغنية "أراجوز" للفنان عمر الشريف فعلمه كيف يغني لأول مرة، وكان فيلم "حليم" مع المخرج شريف عرفة آخر ألحانه السينمائية.

 

وفي الدراما التلفزيونية عرفت الجماهير العربية ألحانه من الموسيقى التصويرية لمجموعة من أعظم أعمال الدراما المصرية، مثل مسلسلات "رأفت الهجان"، "زيزينيا"، "نصف ربيع الآخر"، "ريا وسكينة"، "شيخ العرب همام"، وفي المسرح قدم ألحان "عشان خاطر عيونك" مع شريهان، ومسرحية "الواد سيد الشغال" مع عادل إمام.

 

موسيقار مبارك

 

برع الشريعي منذ 1991 في وضع ألحان احتفالات نصر أكتوبر التي تنظمها القوات المسلحة مع وزارة الإعلام كل عام، واعتادت هذه الاحتفالات تمجيد مشاركة الرئيس الراحل حسني مبارك في حرب أكتوبر 1973 والاحتفاء بعصره، فكان الشريعي صاحب ألحان أوبريت "اخترناك" الشهير.

 

 

كما لحن الشريعي للأطفال، وكان ملحنا لأغاني احتفالات عيد الطفولة تحت رعاية السيدة سوزان مبارك لأكثر من 10 سنين، وشارك مع كبار الفنانين في أغاني الأطفال مثل عبد المنعم مدبولي، نيللى، صفاء أبو السعود، لبلبة، وعفاف راضي.

 

من الإذاعة إلى التلفزيون

 

"غواص في بحر النغم" كان عنوان برنامجه الإذاعي الذي تذيعه الإذاعة المصرية منذ عام 1988، ليخاطب جمهور المثقفين والعامة بأسلوب بسيط، ويحلل أشهر الأغاني وألحانها.

 

وعلى شاشة قناة دريم الفضائية، اتجه الموسيقار الكفيف لتقديم برنامجه "سهرة شريعي"، ليستضيف نجوم الفن والموسيقى في حلقاته، ويتحدث مع زملاء الفن عن تاريخهم الطويل وعملهم سويا.

 

في الفيلم الوثائقي "نغم في وجدان وطن-عمار الشريعي"، من إنتاج الجزيرة الوثائقية، تحكي زوجة الشريعي عن اتباعه نظاما غذائيا نباتيا، وقراره الامتناع عن التدخين حفاظا على صحته، بعد أن صار الاختيار بين التدخين أو الموسيقى.

 

وفاته

 

كانت مشاركته في مظاهرات يناير/كانون الثاني 2011 سببا في تزايد مشاكله الصحية، لكنه ظل فخورا بهذه المشاركة ورؤيته لحلم التغيير من قلب ميدان التحرير، وفي السابع من ديسمبر/كانون الأول 2012 فارق الحياة في مستشفى بالقاهرة بعد شهور قضاها يعاني من مشكلات في القلب والرئة.


التعليقات