تريم.. بيوت طينية ماذا صنعت بها السيول؟ ناجون يروون لحظات الكارثة
- خاص الجمعة, 07 مايو, 2021 - 12:43 صباحاً
تريم.. بيوت طينية ماذا صنعت بها السيول؟ ناجون يروون لحظات الكارثة

[ جانب من الخراب الذي لحق بالمنازل في تريم جراء السيول ]

في تمام الساعة السادسة وخمس دقائق يرفع أذان المغرب بمدينة تريم وأبناؤها في حلق دائرية لتناول الإفطار وسط أجواء السحب التي تحجب رؤية زرقة السماء لكثافتها المائلة إلى السواد.

 

عند خروجهم من بيوتهم لأداء صلاة المغرب يشعر المواطنون بأجواء باردة تهب من اتجاهات متعددة، لحقتها أمطار خفيفة ازداد هطولها عقب عودتهم للمنازل لتبادل الأحاديث العامة والخاصة التي تهم الأسرة في عادة متوارثة لأبناء حضرموت تشهد أزقتها وشوارعها خلو الشوارع منها.

 

وفجأة يقطع الصمت تسرب مياه السيول إلى البيوت الطينية التي تعرف بها مدن حضرموت والمتميزة بأجواء باردة في الصيف ودفء في الشتاء بحسب مختصين في العمارة الطينية الحضرمية.

 

نجاة بأعجوبة

 

يقول أحد المواطنين الذي نجا من تلك الكارثة التي خلفت 4 وفيات وتشريد قرابة 186 أسرة: "داهمتنا السيول داخل المنزل وكان معي 3 مقعدين بالبيت لم أدرِ كيف أخرجهم من المنزل قبل سقوط البيت عليهم".

 

 

يشير المواطن أحمد إلى أن شيئاً ألهمه إلى بيت مجاور لبيته قيد الإنشاء مبني من الخرسانة الإسمنتية اضطر وسط جريان السيول تحت قدميه لدفع أحد أطفاله من إحدى فتحات البيت الإسمنتي ليقوم بفتح الباب وينجو هو وعائلته بأعجوبة.

 

يقول أحمد: "بعدها بلحظات نشعر بهزة داخل البيت الإسمنتي أدركنا أنها سقوط لأحد البيوت الطينية الملاصقة تسببت في خروج أحد نوافذ العمارة والتي شكلت طوق نجاة لدخول عدد من الأسر الهاربة من بيوتها للاحتماء بها كأحد الملاجئ المؤقتة.

 

 

شباب متطوعون بإمكانيات بسيطة

 

إلى ذلك يقول أحد الشباب المتطوعين في عمليات الإنقاذ إن كثافة السيول بين البيوت أعاقت تقدمهم لإخراج الأسر المحاصرة داخل المنازل وسط سباق مع الزمن وتحمل ضغط نفسي وعصبي.

 

يلفت الشاب المتطوع إلى أن نقص أدوات ومعدات الإنقاذ دفعهم للاستفادة من المتاح لديهم فعمدوا إلى الشيولات لإخراج المحاصرين بالأدوار العلوية للبيوت، إضافة إلى استخدام سيارات الدفع الرباعي لنقل الناجين وقطع السيول.

 

ويوضح الشاب المتطوع في حديثه لـ"الموقع بوست" أن بعض الضحايا الذين فقدوا بالكارثة تهدمت البيوت عليهم قبل أن يتمكنوا من الخروج منها بسبب تجاوز السيول أساسات البيوت المبنية من الحجارة والتي  تبنى فوقها الجدران الطينية.

 

 

حالة نفسية

 

وعقب الكارثة حاول فريق "بسمة" التطوعي بتريم تقديم دعم نفسي لبعض الأسر التي فقدت أحد أفرادها أو ممتلكاتها.

 

ويقول أحد كبار السن من الناجين ويدعى سالم والدمعة تخرج من عينه: "فقدت المواشي التي أقوم بتربيتها ومصدر دخلي الوحيد الذي أعيل به أسرتي".

 

غير بعيد من الجد سالم يناشد الشاب أحمد المختصين بالعمارة الطينية بالسماح له بدخول منزله المهدد بالسقوط لجلب مقتنياته الشخصية وشهادات الدراسات العليا التي حصل عليها قريبا.

 

وما زال حتى اللحظة يشهد حي الشبيكة، الذي تركزت فيه معظم الكارثة، سقوط وانهيار عدد من البيوت الطينية، وتوقع مهندسون قدامى أن تبقى البيوت التي دخلت إليها السيول غير صالحة للسكن حتى مرور فترة 6 أشهر بعد الكارثة.

 

 

تشرد للمدارس

 

وأثناء الكارثة لجأت عدد من الأسر إلى إحدى المدارس القريبة من الحي بينها عدد من الأسر النازحة من مناطق الصراع بالجمهورية، بينما استقرت مجموعة أخرى عند أقاربها.

 

ويخشى السكان من إعادة تجربة كارثة سيول 2008 والتي تم التلاعب في تعويض المتضررين منها، في حين لم يحصل البعض منهم حتى اليوم على التعويضات.

 

ولدى وصوله تريم لتفقد آثار الكارثة، وجه رئيس الوزراء الدكتور معين عبد الملك باعتماد ملياري ريال يمني لمساعدة السلطات في إعادة الإعمار.

 

 

وكان وكيل محافظة حضرموت لشؤون الوادي والصحراء وجه بتقديم مليوني ريال لكل أسرة متضررة عقب زيارته التفقدية بعد ساعات من الكارثة.

 

وطالب نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بلجنة تحقيق فنية لكشف أسباب وقوع الكارثة، وذهب آخرون إلى أن البناء العشوائي وسط مجاري السيول إلى جانب تضييق وسد بعضها أدى إلى تركز السيول على مجرى واحد الأمر الذي نتج عنه ارتفاع منسوب المياه لتصل إلى البيوت في صورة لم يعهدها السكان الذين إشاروا إلى أن بعض البيوت يعود بناؤها لأكثر من 100 عام.

 

وبين كوارث السيول المتكررة بين لحظة وأخرى، يتسائل أبناء حضرموت: متى سيأتي الحل النهائي للحد من حدوثها؟


التعليقات