[ الصحفي المحرر عبدالخالق عمران ]
كشف الصحفي المحرر من سجون الحوثيين مؤخرا عبد الخالق عمران عن ما تعرض له في معتقلات الجماعة طيلة ثماني سنوات من التعذيب والانتهاكات.
وقال عمران، في حديثه لـ برنامج "المساء اليمني" الذي بثته قناة "بلقيس" مساء أمس: "إن السجين والمعتقل ليس لديه أي وظيفة في السجن غير تربية الأمل، حيث كنا نعيش على الأمل، وإن كنا مختطفين لدى جماعة إجرامية لديها أنظمة بوليسية تتعامل معنا بقسوة، إلا أننا كنا ندرك بأن خلفنا شعب وزملاء وناس سيمنعون المليشيا من ارتكاب أي حماقة".
الصحفي، المفرج عنه مؤخرا في صفقة التبادل الأخيرة، عبدالخالق عمران، وهو أحد الصحفيين الأربعة الذين اختطفتهم مليشيا الحوثي قبل 8 سنوات وحكمت عليهم بالإعدام، يتحدث عن سنوات الاختطاف، التي تجاوزت الـ7 سنوات، وعن ملف المختطفين، ومصير من لا يزالون خلف قضبان المليشيا.
وأضاف: "صحيح أن خروجنا يعد مولدا جديدا، لكننا كنا في السجون نعيش على الأمل، فالاستسلام في السجون يعني الموت".
وأشار إلى أن "ظروف السجن كانت رحلة من العذاب والتعذيب والقسوة والضرب بالأيدي والعصي والحديد، والصعق بالكهرباء، والإيهام بالموت والتعليق، وشتى صنوف التعذيب، التي بدأت منذ 9 يونيو 2015م، وحتى 16 أبريل 2023م".
وتابع: "صنوف شتى من العذاب تعرضنا لها أنا وزملائي الصحفيون، وعددهم 9، حيث لم يكن يمر يوم إلا ونتعرض فيه للتعذيب وللحرمان من أبسط الحقوق".
وقال: "التعذيب، الذي تعرضنا له أنا وزملائي الصحفيون، في سجون مليشيا الحوثي، إذا تحدثت عنه بالتفصيل سأحتاج إلى ساعات للحديث عنه".
وأوضح: "التعذيب الذي تعرضت له أنا وزملائي الصحفيون أصابنا بأمراض كثيرة، منها: انزلاقات في العمود الفقري، وكنا نتقيأ دما من شدة التعذيب، ونعاني من ضعف في النظر، ومن التهابات في المفاصل، ومن أمراض في المعدة والقلب والسكر".
واعتبر أن "التعذيب، بالنسبة لمليشيا الحوثي، وجبة يومية وعمل مقدَّس"، مضيفا: "الحوثيون كانوا يقولون لنا: نحن نتقرب إلى الله بتعذيبكم"، مشيرا إلى أن "هذا شيء في غاية البشاعة أن يكون هناك من يدّعي الإنسانية ويعتبر أن تعذيب الصحفي هو عمل مقدّس يقربه إلى الله".
- مشاهد عالقة في الذهن
يقول الصحفي عمران: "هناك الكثير من المواقف لا تزال عالقة في ذهني، عندما كان يتم تعذيبي في البحث الجنائي كان يتم تعليقي على ارتفاع كبير أمام مرأى ومسمع من السجناء، كنت أصرخ وأصيح بأعلى صوتي، وفي سجن الثورة تعرضنا للضرب بالعصي والحديد حتى وقعنا على الأرض، وهم مستمرون بضربنا، وذلك بسبب مطالبتنا بأدوية".
وأضاف: "في سجن عبدالقادر المرتضى، عندما طالبت بدواء تم ضربي ضربا شديدا، وكذلك عندما طلبت منهم طعاما قاموا بضربي وتعليقي وشتمي، ولا تملك هذه المليشيا غير التعذيب والشتم والإهانة".
وتابع: "في سجن الأمن السياسي، الذي يديره يحيى سريع، الذي يدَّعي أنه ناطق رسمي باسم المليشيات، كان دائما يأتي إليَّ هو شخصيا، ويقوم بخنقي بيديه، وضربي، وصفعي بشكل قذر، وأنا مقيّد بالقيود في يدي ورجليّ".
وأردف: "في البحث الجنائي كان هناك شخص يُدعى أبو شريف هو من كان يمارس التعذيب، وفي سجن الثورة كان هناك شخص يُدعى أبو أحمد وهو مشرف السجن، وفي احتياطي الثورة كان هناك شخص يُدعى أبو علي واسمه سليم القاضي، وفي سجن عبدالقادر المرتضى، المرتضى هو من كان يمارس التعذيب بحقنا شخصيا".
- المرتضى.. سجن خاص
يقول الصحفي عبدالخالق عمران إنه يتذكر في سجن عبدالقادر المرتضى، عندما طالب بطعام تم تعذيبه وتعليقه وسجنه في زنزانة انفرادية بمساحة متر واحد ونصف مع 6 أشخاص، وحرمانهم من الأكل والحمام، وكانوا يصلون إلى أنهم يتمنون الموت على الحياة في مثل تلك اللحظات.
وأضاف: "سجن عبدالقادر المرتضى هو سجن خاص به وبأخويه أبو شهاب، ومجد الدين"، مشيرا إلى أن أبو شهاب كان يتولى الجانب الأمني، ومجد الدين كان يتولى الجانب المالي، وجميعهم كانوا يمارسون أبشع أنواع التعذيب بحقه وزملائه، وكانوا يقولون لهم إنهم لا يعملون شيئا من ذوات أنفسهم، وإنما بتوجيهات من سيدهم عبدالملك الحوثي، وأن هذا عمل مقدّس.
وأوضح: "عبدالقادر المرتضى شخصية عدوانية إرهابية وسادية، يعتدي على السجناء، وهناك أكثر من شخص يمكن أن يؤكد هذه الحالة، وأن هناك أطفالا وكبار سن اعتدى عليهم، ولا يزالون حتى الآن في السجون، وكان ينزل شخصيا ويقوم بالتعذيب بيده".
وطالب بأن يدرج اسم عبدالقادر المرتضى ضمن قائمة العقوبات والإرهاب.
وتابع: "نقول لـ عبدالقادر المرتضى إننا نعده ألا نتركه، وسنعمل بكل جهودنا مع الزملاء الصحفيين ونقابة الصحفيين اليمنيين والاتحاد الدولي للصحفيين، وسنرفع دعوى ضده وضد سيده عبدالملك، ولن نترك الدماء التي سالت من الزميل توفيق المنصوري، ولا التعذيب الذي تلقيناه، والحرمان من أبسط حقوقنا، والإخفاء القسري الذي تعرضنا له، وأخذه لأموالنا، ووضعنا كدروع بشرية في المعسكرات".
وأضاف: "عندما تعرّضنا للقصف، في شهر ديسمبر 2021م، في سجن عبدالقادر المرتضى، هو من وضعنا في ذلك السجن كدروع بشرية، وهم منذ البداية كانوا دائما ما يهددونا بأنهم سيضعوننا في الأماكن المستهدفة كدروع بشرية".
وقال: "كنا في سجون مليشيا الحوثي لا يمر أسبوع أو شهر إلا ونتعرض للتعذيب الجسدي، أما التعذيب النفسي كنا نتعرض له كل يوم وكل لحظة".
وأضاف: "نحن نحاول أن نتجاوز المشاهد المفزعة وآثار التعذيب، لكنها ستظل عالقة في الذاكرة إلى أن ننقضي من هذه الحياة، فهي كانت سنوات مريرة ورحلة مظلمة عند جماعة ظلامية، فمجرد حجز حريتك 8 سنوات هذا أمر كافٍ لأن تظل ترافقك مدى الحياة، وأن تسعى لأخذ حقك مهما كان الثمن، ونؤكد أن ذلك سيكون بطرق سلمية".
وزاد: "لا زلنا نعاني من مشاكل كثيرة، حتى عندما ننام الآن لا نستطيع أن ننام، فقط ننام لمدة خمس دقائق ونصْحوا بطريقة مفزعة ومرعبة، فنفسياتنا لا تزال متعبة، إضافة إلى التعب الجسدي والبدني، خصوصا وأننا نرى سجاننا ومعذبنا يتحرك بحرِّية في عمليات التفاوض".
- حكم الإعدام
يقول الصحفي عبدالخالق عمران: "مسار المحاكمة، التي تعرضنا لها أنا وزملائي الصحفيون، هو جزء من مسار التعذيب، فمنذ العام 2017م، عندما تمت إحالتنا إلى النيابة، لم تتعامل النيابة معنا ولا مع أقوالنا، وإنما تعاملت مع ملفات Word جاهزة؛ سلمتها إليها مليشيا الأمن السياسي على شكل ملازم، تمت طباعتها، وفيها تُهم وأقوال منسوبة إلينا".
وأضاف: "تحدثنا مع وكيل النيابة حينها: على أي أساس يتم التعامل مع هذه المحاضر، على الرغم أنها حتى غير مكتوبة يدويا، ومرات عديدة عندما كنا في غرف التحقيق ومغلقين على أعيننا كانوا يبصّمونا على الكثير من الأوراق، ولا ندري ما هي هذه الأوراق، التي نبصم عليها".
وتابع: "أن يسرقك شخص من عمرك حتى 8 ساعات هو شيء كبير، فنحن كنا نُصاب بالرُّعب عندما نقضي 8 سنوات في سجن، ونخرج على واقع متغيّر، فهذا شيء رهيب، ولحظة لا يمكن أن تتصوَّرها إلا وأنت تعيش في سجن، لذا كان يوم خروجنا كأنه ميلاد جديد لنا".
ولفت: "عندما كنا مضربين عن الطعام في 2016م، زارنا القيادي الحوثي محمد البخيتي، وقال لنا: لقد تضامنت معكم الأمم المتحدة، لكن حتى وإن تضامنت معكم الأمم المتحدة ومجلس الأمن فإن عقوبتكم هي الإعدام".
وأشار إلى أن "جميع المعتقلين والمختطفين وضعهم مأساوي جدا، ويعانون معاناة شديدة في سجون المليشيا، فهم يتعرَّضون للتعذيب والإهانات، ووصل بالمليشيا إلى أنها تقوم بتعذيبهم وإهانتهم أمام أسرهم، وإلى نهب أموالهم، وإلى تهديد وابتزاز أسرهم".
وقال: "هناك زملاء لنا من المعتقلين في سجن الأمن والمخابرات التابعة للمليشيا مخفيون منذ نحو شهر تقريبا".
- "مدينة الموت"
يقول الصحفي عمران: "إذا حسبنا طيلة السنوات، التي قضيناها في سجون مليشيا الحوثي، ما الذي أنجزه الإرهابي عبدالملك الحوثي، سنجد أن كل ما أنجزه هو بناء السجون وفتح المقابر، فأي مكان يحتله أو يسيطر عليه يقوم بافتتاح سجن ومقبرة".
وأوضح: "مليشيا الحوثي مشروع موت، حوّلت صنعاء ومناطق سيطرتها إلى مقابر، فعندما خرجنا من سجن الأمن المركزي بصنعاء وجدنا صور القتلى معلقة بكل مكان، لذا لم يكن لدي شيء لأقوله عقب وصولي إلى مأرب من سجون المليشيا غير أن صنعاء أصبحت مدينة الموت".
وأضاف: "عند خروجنا من سجن الحوثيين كأننا خرجنا من سجن ومرينا في مقبرة، ولم نشعر بالحرية ولم نتنفسها إلا ونحن بالطائرة في سماء مأرب، حيث تنفسنا الحرية، وشعرنا بأننا ولدنا من جديد".
واعتبر أن "السلام بالنسبة لمليشيا الحوثي حالة تكتيكية وليس خيارا إستراتيجيا مطلقا، ولن تركع هذه المليشيا للسلام ما لم تكسر عسكريا، وهذه من سمات أجدادهم الأئمة إذا ما عدنا إلى التاريخ اليمني".