هل تؤثر تعليقات المتابعين في وسائل التواصل الاجتماعي على أفكار وقناعات الشخصيات؟ (تقرير)
- خاص الخميس, 17 أغسطس, 2017 - 06:05 مساءً
هل تؤثر تعليقات المتابعين في وسائل التواصل الاجتماعي على أفكار وقناعات الشخصيات؟ (تقرير)

[ تحولت وسائل الإعلام الجديد إلى منصات للتفاعل مع الجمهور ]

أفرزت مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت تحولات كبيرة، في صعيد تبادل الآراء والنقاشات، ونشر الأفكار والقناعات، وأتاحت المجال لتقريب المسافة بين الجمهور وقادة الرأي.
 
في اليمن زادت الحرب من فرص متابعة الصفحات والحسابات الشخصية في الفيسبوك تحديدا، للدخول مع أصحابها في نقاشات حادة، ونتج عن كثير منها رجع صدى واسع إزاء بعض القضايا المثيرة للجدل.
 
وتستغل عدد من الجهات والأشخاص صفحاتهم في الفيسبوك لنشر أفكارهم والترويج لها، نظرا لحجم التأثير الذي باتت تشكله تلك الوسائل.
 
ولعبت مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديدا الفيسبوك، دورا كبيرا في اليمن خاصة منذ ثورة فبراير/شباط 2011 على الصعيد السياسي ودوران عجلة التغيير، وكانت وسيلة للترويج لفكر الثورة، وإظهار ردود فعل النظام منها.
 
والأمر نفسه كان ماثلا عقب الثورة المضادة والتفاعلات السياسية والميدانية التي شهدتها البلاد منذ العام 2014 حتى اليوم.
 
وتعد تفاعلات المتابعين وردود أفعالهم في وسائل التواصل الاجتماعي واحدة من علامات التأثير السلبي أ الإيجابي في الآراء والأفكار التي يطرحها البعض، وهي اليوم بمثابة رجع الصدى (feedback) بالنسبة للوسائل الإعلامية التقليدية.
 
ولا تخلو تعليقات المتابعين من التوبيخ أو التوضيح، أو القسوة في الرد، وقد تمتد لتصبح نوعا من السب والإساءة، خاصة مع تخفي بعض المتابعين خلف حسابات تحمل أسماء وهمية.
 
كل ذلك يدفع للتساؤل عن إمكانية تحول تلك التعليقات إلى وسيلة ضغط ترغم تلك الشخصيات على تغيير مواقفها وقناعاتها تجاه العديد من القضايا التي تتناولها.
 
تأثر النخب بالمتابعين
 
والملفت للانتباه أن مواقع التواصل الاجتماعي قد تغير في قناعات بعض الأشخاص في قضية معينة أو مجال محدد، بسبب تعليقات وتفاعلات الآخرين.
 
هذا ما يؤكده رئيس تحرير صحيفة عدن الغد فتحي بن لزرق، الذي قال إن تعليقات المتابعين في الغالب تؤثر على توجه المتحدث.
 
وبيَّن لـ"الموقع بوست" أن الكثير من النخب في الغالب تخضع لتوجهات المعقلين، الذين يكونون في الأساس كتلة كبيرة من الناس البسطاء.
 
لكن الأسلم والصحيح -بالنسبة لبن لزرق- هو ألا تؤثر تعليقات المتابعين على توجهات النخب، كون أن الواجب أن تقود النخب الشارع وليس العكس.
 
ويرى أن الكثير من المؤثرين في المجتمع، باتوا ينساقون خلف عقليات العامة بالفيسبوك، هربا وتجنبا لسبهم وشتمهم وتخوينهم، وهذا بحد ذاته كارثة، على حد تعبيره.
 
صعوبة تغيير القناعات
 
ويعد كثير من المحللين والكتاب والصحفيين، هم أكثر الذين يقوم الناس بمتابعتهم، في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، أبرزها الفيسبوك وتويتر، الذين يمكن للمتابعين التعليق على ما يطرحه أولئك.
 
ويذهب الكاتب الصحافي سمير الصلاحي بعيدا عن ما طرحه بن لزرق، فهو يعتقد أن المتحزبين وذوي القناعات المحددة، لا يمكن تغيير قناعاتهم وأفكارهم.
 
وأكد لـ"الموقع بوست" أن النقاش مع متابعيهم يزيدهم إصرارا على اليقين بوجهة نظرهم، وقد يذهب البعض منهم للاعتقاد أن التعليقات تأتي ضمن حملة ممنهجة، لاستهداف التيار الذي يمثله ويحمل أفكاره.
 
وتابع "بالعموم وسائل التواصل الاجتماعي تحولت إلى ساحات للسب والقذف والنيل من الآخرين، عبر حملات منظمة وممنهجة".
 
ولفت الصلاحي إلى عدم تأثره مطلقا بما يرد في التعقيبات، مالم يكن فيها ما يدحض قناعاته بالحجة والمنطق والدليل القاطع.
 
منصات قمع
 
ويُلاحظ أن المتابعين لصفحات مواقع التواصل الاجتماعي، يهاجمون وبشدة كل رأي يُخالف قناعاتهم، لدرجة تخرج عن إطار الأخلاقيات المعروفة.
 
وبالنسبة للإعلامية في قناة بلقيس أمل علي، فترى أن الأغلبية أصبحوا يكتبون تماشيا مع المزاج العام وإرضاء للمتابعين، رغبة بالحفاظ عليهم، وعدم إغضابهم أو خسارتهم.
 
وأردفت لـ"الموقع بوست" أنه في الغالب تتحول التعليقات إلى نوع من أنواع الإرهاب الفكري، وتوظيفها بحملات تشهير وقمع منظم، وهذا يؤدي إلى الحد من سقف الحرية، وتجبر الكاتب على مراعاة مزاج متابعيه والكتابة وفق هذا المزاج، ولو على حساب قناعاته وأفكاره ومعتقداته.
 
وهذا مؤشر -كما تؤكد أمل- على تدني درجة الوعي واحترام الآخر والاختلاف، مقابل تزايد السطحية والعصبية وطغيان اللون والصوت الواحد.
 
وذلك نتيجة تزايد الجهل، وتوظيف منصات التواصل الاجتماعي سياسيا، واستخدامها في غير محلها من قبل الجماعات السياسية والدينية والقوى التقليدية المتطرفة، على حد قولها.
 
الإصابة بالصدمة
 
مقدم البرامج الساخر "العاصفة" في قناة يمن شباب، أسامة منصور، يتفق مع بعض ما يعتقده بن لزرق، وذكر أن بعض التعليقات في صفحته على الفيسبوك تصيبه بالصدمة.
 
وحول سبب ذلك وضح لـ"الموقع بوست" أنه إذا ما اقتنع بأنه كان مخطئا، فإن ذلك يجعله يغيّر قناعاته، وقد لا يكتب عن ذلك الأمر مجددا.
 
واستغرب من عدم تأثُر البعض بما يوجه لهم من انتقادات وآراء، وعزى السبب إلى وجود قناعات وأهداف محددة لديهم.
 
يذكر أن عدد اليمنيين الذين يستخدمون موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، بلغ أكثر من مليوني مستخدم وفقا لآخر الإحصائيات.


التعليقات