انفلات أمني في مدن وادي حضرموت لا يخلو من توظيف سياسي (تقرير)
- حضرموت - خاص الخميس, 31 أغسطس, 2017 - 09:06 مساءً
انفلات أمني في مدن وادي حضرموت لا يخلو من توظيف سياسي (تقرير)

[ شهد وادي حضرموت خلال شهر أغسطس الجاري تسع عمليات اغتيال ]

تشهد مديريات وادي حضرموت شرقي اليمن تصاعداً في عمليات الاغتيال والسطو المسلح خلال شهر أغسطس/آب الجاري، وتنوعت عمليات الاغتيال من حيث الشخصيات المستهدفة بين عسكريين ومدنيين.

الخميس الماضي شهدت مدينتا سيئون وشبام عمليتي اغتيال استهدفتا جنديين في الجيش الوطني، وكان أبرز من طالتهم الاغتيالات ركن استخبارات اللواء العاشر في المنطقة العسكرية الخامسة النقيب محمد علي محمد الحسام، أثناء خروجه من أحد المساجد بمدينة القطن وأردوه قتيلا، في حين أصيب جندي آخر كان برفقته.

إحصائيات

ووفقاً لرصد خاص بـ"الموقع بوست"، فقد شهد وادي حضرموت خلال شهر أغسطس/آب الجاري تسع عمليات اغتيال، ست منها استهدفت ضباط وجنود في الجيش، بينما طالت ثلاث منها مدنيين، إضافة إلى حادثة سطو على مصرف خاص، وحالة اختطاف لمواطن.

وفي يوليو/تموز الماضي، قتل خمسة مواطنين في أربع عمليات اغتيال، في حين أصيب آخر في إطلاق نار، إضافة إلى عملية سطو نفذها مسلحون على محطة بنزين حكومية بمديرية شبام.

وبالتفحص في هويات الضحايا، تشير التوقعات إلى إمكانية وجود جهات تهدف إلى إسقاط مدن وادي حضرموت في الفلتان الأمني والفوضى بغرض الابتزاز السياسي، وعدم حصر الجناة في عناصر تابعة لتنظيم القاعدة فقط.

وتركزت الاغتيالات وحالات السطو في مديريات القطن، وشبام، وسيئون. 

ويقع وادي حضرموت تحت مسؤولية المنطقة العسكرية الأولى بقيادة اللواء ركن صالح طيمس، وتعد المنطقة الأولى هي الوحيدة التي بقيت على تماسك كافة وحداتها العسكرية حيث أعلنت ولاءها للشرعية بعد انطلاق عاصفة الحزم في مارس/آذار 2015، وبقيت على الحياد ولم تشارك في الحرب ضد الانقلابيين.

غياب إماراتي

مديريات وادي حضرموت هي البقعة الجغرافية الوحيدة في محافظات جنوب اليمن التي تخلو تماماً من أي تواجد للقوات الإماراتية أو التشكيلات التابعة لها، ويتواجد بها مطار سيئون والذي يعد أحد منفذين جويين إلى جانب مطار عدن لنقل اليمنيين إلى العالم بعد توقف مطار صنعاء و تحويل مطار الريان إلى معسكر تابع للقوات الإماراتية في مدينة المكلا.

وكان محافظ حضرموت اللواء ركن فرج سالمين البحسني قد كشف في حوار تلفزيوني عن العمل على نقل تجربة قوات النخبة إلى وادي حضرموت، مشيراً إلى أنها الآن في سياق التشكل، وفق قوله.

وهو ما سيشكل على الأرجح استثمارا إماراتيا لحالة الفلتان الأمني التي يشهدها وادي حضرموت للتوسع ونشر من قوات النخبة الحضرمية الموالية لها.

وفي لقاء المحافظ البحسني الأسبوع الماضي بهيئة رئاسة "مؤتمر حضرموت الجامع" استعرض حالة الأمن والاستقرار التي تشهدها مدن ساحل حضرموت الذي يقع تحت سيطرة قوات النخبة الحضرمية.

وتطرق البحسني إلى ضرورة إيجاد الحلول الناجحة للانفلات الأمني الذي يعصف بمدن وادي حضرموت والسعي الجاد لإنهاء تلك الاختلالات الأمنية، وهو ما يفسر على الأرجح محاولة الحصول على دعم "مؤتمر حضرموت الجامع" لنشر قوات النخبة في مدن الوادي.

حضور سعودي

مؤخراً أشرفت المملكة العربية السعودية على تخرج ألف جندي من أفراد المنطقة العسكرية الأولى كقوات متخصصة في مكافحة الإرهاب، وهو ما يعكس قلق المملكة على أمن حدودها الجنوبية واستوجب إشرافها المباشر وعدم إيكال المهمة إلى الإمارات كما جرت العادة في بقية مدن الجنوب.

وحضر حفل التخرج في مقر المنطقة العسكرية الأولى وكيل المحافظة لشؤون مديريات الوادي والصحراء عصام الكثيري، واللواء الركن صالح محمد طيمس قائد المنطقة العسكرية الأولى، والمدربون العسكريون من المملكة العربية السعودية، في حين كان لافتاً غياب المحافظ البحسني.

وقال اللواء طيمس "هذه الدورة التخصصية في مجال مكافحة الإرهاب ستكون رفدا لما قبلها وستكون على أتم الاستعداد لتنفيذ ما أوكل إليها من مهام"، مثمناً دور قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية على جهودهم المبذولة لتدريب هذه الدفعة، كما شكر جهود الضباط وصف الضباط المشاركين في التدريب.

تخرج الدفعة المدربة سعوديا لمكافحة الإرهاب جاء عقب لقاء الرئيس هادي بقائدي المنطقة العسكرية الأولى والثانية في الرياض منتصف يوليو/تموز الماضي، ويعكس لقاء الرئيس بالقائدين العسكريين تخوفات القيادة السياسية من تواجد إماراتي في مدن الوادي على الأرجح.

ووفقا للخبر الرسمي المنشور في وكالة الأنباء الرسمية "سبأ"، فقد وجه الرئيس هادي بضرورة التكامل وتوحيد العمل والإجراءات الأمنية والعسكرية في كافة المناطق والوحدات تحت إشراف محافظ المحافظة رئيس اللجنة العسكرية والأمنية في المحافظة.

محاولات توسع

وكانت قوات النخبة قد دشنت عمليات أمنية محدودة قالت إنها تهدف لملاحقة عناصر من تنظيم القاعدة في مديرية "الضليعة" كانوا قد استهدفوا نقطة أمنية في مديرية دوعن، وكلا المديريتين تخضعان لصلاحيات المنطقة العسكرية الأولى، لكنها لم تلبث أن توقفت محاولات التوسع بعد لقاء الرئيس باللوائين. 

ونجا قائد المنطقة العسكرية الأولى اللواء ركن صالح طيمس من محاولة اغتيال أواخر يونيو/حزيران الماضي، في حين أصيب هو ومرافقون له بجراح.

وأصيب طيمس بطلق ناري من مسلحين أثناء قيادته للجنة وساطة في منطقة "جعيمة" في مديرية شبام، وتلقى بعدها العلاج في العاصمة السعودية الرياض.

وتشغل محافظة حضرموت ما نسبته نحو 50% من إجمالي مساحة الحدود اليمنية السعودية والبالغ مساحتها (2000 كلم2) وفقا لاتفاقية جدة في العام 2000.

كما تمثل مديريات الوادي والصحراء الأكبر من حيث المساحة والسكان، وتركز حقول إنتاج النفط الخام في عدة قطاعات.

وصول خبراء أجانب

وكانت وكالة "سبوتنك" الروسية نشرت خبراً عن وصول خبراء بريطانيين إلى محافظة حضرموت الجمعة الماضية لتقييم الحالة الأمنية بالقطاع (10) خرير النفطي في وادي حضرموت.

ونقلت الوكالة عن مصدر عمالي قوله بأن الزيارة تهدف إلى إعداد تقارير خاصة لتقييم حالة الأمن بالقطاع (10) والذي كانت تشغله شركة توتال الفرنسية وسلمته أواخر ديسمبر/كانون الأول 2015 للحكومة اليمنية والتي سلمته لشركة بترومسيلة المحلية.

مشيراً إلى أن الزيارة تأتي في ظل دعوات الحكومة اليمنية للشركات النفطية الأجنبية بالعودة لتشغيل القطاع (10) خرير، إلا أن تلك الشركات اشترطت أن تكون الحالة الأمنية ممتازة، ليتسنى استئناف تشغيل القطاع بعد عيد الأضحى المقبل.

ملف إيرادات إنتاج النفط كانت أهم الأسباب لإقالة محافظ حضرموت السابق اللواء أحمد بن بريك بعد امتناعه عن توريد الإيرادات إلى البنك المركزي بالعاصمة اليمنية المؤقتة عدن بحجة خصم نصيب حضرموت من الثروة النفطية قبل التوريد إلى المركزي، وذلك بإيعاز من الإماراتيين بحسب مصادر مطلعة لـ"الموقع بوست"، وذلك بعد زيارة الرئيس هادي إلى محافظة حضرموت نهاية ديسمبر/كانون الأول من العام 2016.

ويبدو أن نغمة نصيب حضرموت من الثروة النفطية ستمثل رأس حربة في خطاب المسؤولين الموالين للإمارات بهدف الضغط على الحكومة الشرعية، وهو ما أكده المحافظ البحسني بقوله "إن حضرموت ستأخذ حقوقها في الثروة كاملة غير منقوصة وهذا ما نعمل عليه ويشكل حثيث، لكن اتجاه عملنا سيأخذ طابع منهجي ومؤسسي".

رفع إنتاج النفط

وتعتزم الحكومة اليمنية زيادة الشحنات النفطية المنتجة من قطاع المسيلة النفطي في محافظة حضرموت.

وبحسب مصادر خاصة لـ"الموقع بوست"، فإن الحكومة تهدف إلى مضاعفة كميات النفط الخام الذي تنتجه شركة بترومسيلة بواقع 200 ألف برميل خلال الشهر لمواجهة نقص السيولة وحاجات الإنفاق العام.

وتتهم القوات الإماراتية المتواجدة ضمن قوات التحالف العربي في العاصمة المؤقتة عدن بعرقلة توريد السيولة النقدية جواً إلى مطار عدن بإلغاء 13 تصريحا لرحلات الطيران، كانت معدة لمواجهة أعباء صرف مرتبات موظفي الدولة في السلكين العسكري والمدني، بحسب بيان البنك المركزي اليمني.

وكانت الحكومة قد اعتمدت خطة مبيعات للنفط الخام مطلع شهر يونيو/حزيران الماضي لبيع مليوني برميل نفط من نفس القطاع بحضرموت بالسوق العالمية بسعر مزيج برنت، وهو أعلى تسعيرة بالدولار الأمريكي، وهي نفس الفترة التي ازدادت خلالها عمليات الاغتيالات والسطو المسلح في مدن الوادي.

واستأنفت الحكومة عملية الإنتاج النفطي مطلع أغسطس/آب من العام 2016 في بعض الحقول الرئيسة التابعة لشركة بترومسيلة، وتحديداً في قطاعي (10) و(14) اللذين يُعدّان من أكبر القطاعات النفطية في اليمن.

لذا فإن ثمة صراعاً مؤجلا ساحته مدن وادي حضرموت لغرض السيطرة على حقول إنتاج النفط والذي ربما سيكون أداة تطويع جديدة تضاف إلى سابقاتها لإرضاخ الحكومة الشرعية من خلال سيناريو "عض الأصابع" الغلبة فيه لمن يصرخ تالياً.


التعليقات