"بنت علي" امرأة يتحول ضريحها في حضرموت إلى مزار ديني.. فمن هي؟
- حضرموت - خاص الأحد, 24 سبتمبر, 2017 - 05:17 مساءً

[ لا زال الناس في حضرموت تتعامل مع حركتها اليومية وفقا للفلك ]

يتميز وادي حضرموت شرقي اليمن بوجود أضرحة ومزارات دينية لعدد من الشخصيات التي توصف شعبيا بأنها من أولياء الله الصالحين، كما يذكر المؤرخون.
 
هذه المزارات يتم زيارتها من قبل عدد كبير من الناس من وقت لآخر على مدار العام، وبعضها تتم زيارتها وفقا للحسابات الفلكية الخاصة بمحافظة حضرموت، والتي تتقنها بعض الشخصيات هناك.
 
من تلك الزيارات المرتبطة بالفلك نجم "سعد خبا" ويقع خلال الفترة 5 – 17 سبتمبر/أيلول من كل عام، وبالتحديد أخر يوم اثنين بأيام النجم.
 
يقوم الناس في هذه المناسبة بإحياء زيارة إلى ضريح إحدى النساء التي توصف بالصالحات، ويطلق عليها زيارة "بنت علي" نسبة إلى العابدة سلطانة بنت علي الزبيدية التي تعود أصول نسبها إلى آل زبيدي وهم من قبيلة بني حارثة الكندية، وقيل إنها تنتسب أيضا إلى قبيلة مذحج المعروفة.
 
ولدت "سلطانة" ببادية العُرّ (العراء) وهي عبارة عن تلة جبلية ممتدة من شرقي قرية مريمة إلى نهاية الحوطة المعروفة اليوم بحوطة "سلطانة" التي تبعد عن مدينة سيئون بوادي حضرموت ثلاثة أميال تقريباً، وهي البادية التي كانت تسكنها قبيلة "آل زبيدي" وهم من قبائل كندة التي سكنت حضرموت وما جاورها.
 
فتاة تميل للهدوء والعزلة
 
وذكر الحبيب أبوبكر المشهور أحد علماء الصوفية بحضرموت أن نفسية هذه الفتاة البدوية "الشيخة سلطانة" كانت على غير ما يعهد في سائر فتيات زمانها، فقد كانت تميل إلى الهدوء والعزلة، وما إن كبرت قليلا حتى بدأت تشعر باستقباح سلوك البداوة من ظلمٍ وبطشٍ وأذى، وتتطلع إلى نداء الفطرة العميق الذي كان يجذبها إلى نور الإيمان، ويهديها إلى أسباب الاطمئنان، وكان أفضل ما يساعدها على هذا النداء الفطري سكون الليل، وهدوء العراء الفسيح، وسماع أخبار الصالحين وأحوالهم في أمسيات القبيلة وأحاديث رجالها ونسائها عنهم، كما يقول المشهور.
 
طقوس دينية وشعبية
 
ويبيت الناس بالمسجد القريب من الضريح أو بيوت الأقارب المحيطة بالضريح ليلة الاثنين، بينما ينتشر أصحاب البسطات الشعبية والمطاعم المتنقلة بالموقع، والبعض الآخر يجتمع على شكل جماعات تقوم بشوي اللحوم والسمر حتى ساعات متأخرة من الليل.
 
اقرأ أيضا: الحج إلى قبر نبي الله هود بحضرموت.. طقوس دينية ومزارات تاريخية

ويشهد الضريح مواعظ دينية لعدد من المشائخ والعلماء، ويخصص فجر الاثنين للرجال، وفترة العصر للنساء.
 
ضريح سلطانة
 
يذكر المؤرخ صالح الحامد أن ميلاد الشيخة سُلطانة بنت علي الزُبَيدية كان في سنة (780 هـ / 1378م)، وتوفت في سنة (847 هـ / 1442م)، أي أنها توفت عن عمر ناهز الستين عاماً، ودفنت في بلدة "العُر".
 
ويشير إلى أن الناس أقاموا لها ضريحا كبيرا في تلك البلدة بعد وفاتها، وتقول الحكايات الشعبية إن الضريح صار مزاراً لمريديها وأتباعها، وخصوصًا من العامة من الناس الفقراء والمساكين والمظلومين الذين اشتد بهم الجور والظلم بعد رحيلها عنهم.


 
نشأة الصوفية بحضرموت
 
يقول المؤرخون إن الصوفية في حضرموت كان لها جذور عميقة تعود إلى فجر القرن السابع الهجري الذي يوافق القرن الثالث عشر الميلادي.
 
 ويقول المؤرخ عبدالله الحبشي حول نشوء الصوفية في حضرموت: "من المؤرخين من يرجح أول بادرة للتصوف في حضرموت إلى شخص عاش في القرن السابع الهجري هو الشيخ محمد بن علي الشهير بالفقيه المقدم".
 
اقرأ أيضا: طقوس اجتماعية متوارثة في حضرموت يحييها السكان احتفاء بعيد الأضحى.. تعرف عليها

ويضيف: "وبحسب المؤرخين فأن أهل حضرموت كانوا مشتغلين بالعلوم الفقهية، وجمع الأحاديث النبوية، ولم يكن فهيم من يعرف طريق الصُوفية، ولا من يكشف اصطلاحاتهم السَنية، فأظهر الفقيه المقدم علومها، ونشر في تلك النواحي أعلامها فأخذ عنه الجم الغفير، وتخرج على يديه العدد الكبير".
 
النجوم الفلكية بحضرموت
 
ويعتمد الناس في المهن بمحافظة حضرموت عموماً على النجوم لتحديد مواسم الزراعة والحصاد، وللمهن الزراعية والبحرية.
 
وتعتبر النجوم وتواريخها من أقدم الموروثات في المحافظة لما لها من أهمية في حياة الناس، ومتابعتهم للأحوال الجوية منذ مئات السنين، قبل اختراع المراصد الفلكية وأجهزة الرصد الحديثة لرصد تقلبات الطقس ومواسمه المختلفة ليتسنى لهم ركوب البحر دون مخاطر كما يعتقدون.
 
وتبلغ عدد النجوم قرابة 28 نجما موزعة على الفصول الأربعة، ومدة كل نجم هي 13 يوماً منذ ولادة الموسم إلى دخول آخر نجم.

اقرأ أيضا: انفلات أمني في مدن وادي حضرموت لا يخلو من توظيف سياسي


التعليقات