لماذا أحجم المبعوث الأممي عن زيارة تعز وذهب إلى الحديدة؟ (تقرير)
- خاص السبت, 24 نوفمبر, 2018 - 07:17 مساءً
لماذا أحجم المبعوث الأممي عن زيارة تعز وذهب إلى الحديدة؟ (تقرير)

[ المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث ]

كان من المقرر أن يزور المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث محافظة تعز قبل أيام، لكن ذلك لم يحدث، ولم يصدر أي تعليق رسمي حول ما إذا كانت الزيارة ستتم أو تم تأجليها.
 
سبق الحديث عن زيارة غريفيث لتعز، وصول وفد أممي رسمي، استمر بالمدينة ثلاثة أيام، بحث خلالها مدير مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن محمد خاطر مع قيادة السلطة المحلية بالمحافظة، الترتيبات الأولية لزيارة غريفيث.
 
شكلت تلك الأنباء تفاؤلا لدى كثير من أبناء تعز، خاصة أن الجانبين ناقشا سُبل التعاون في تقديم الخدمات المدنية والإنسانية للمحافظة، وإمكانية فتح مكتب للأمم المتحدة في المحافظة، الواقعة تحت حصار الحوثيين.
 
وكان غريفيث قد وصل يوم أمس الجمعة (23 أكتوبر/تشرين الثاني) إلى الحديدة، التي تشهد معارك شرسة بين الحوثيين والقوات الشرعية المدعومة من التحالف، وسبقه زيارات مختلفة لمسؤولين أممين آخرين.
 
معاناة
 
ووفقا للتقرير الأخير الصادر عن ائتلاف الإغاثة الإنسانية بتعز، بخصوص الأوضاع الإنسانية فيها، فقد سجل خلال شهر سبتمبر من العام الجاري 17 أسرة فقدت عائلها بعد أن قتلوا بسبب الحرب، كما تعرض نحو 10 أشخاص لإصابات.
 
وأشار التقرير إلى أن من إجمالي الضحايا المدنيين الذين سقطوا خلال سبتمبر الماضي، تم تسجيل مقتل 3 أطفال، و 3 نساء، و 4 شبان، بالإضافة إلى إصابة طفل واحد، و3 نساء أخريات، وشابين اثنين، بعض تلك الإصابات خطرة، جراء مقذوفات المدافع والصواريخ التي تستهدف الأحياء السكنية وأماكن تجمع المدنيين من حين لآخر.
 
ولفت في الوقت ذاته إلى أن الحرب الدائرة في تعز خلال شهر سبتمبر خلَّفت ورائها 54 يتيما، يحتاجون للاهتمام والرعاية وتقديم المساعدات اللازمة لهم. فيما تم تسجيل 10 حالات انتهاك ومصادرة حقوق وممتلكات خاصة وعامة.
 
عدم اهتمام
 
وبرغم المعاناة التي تعيشها تعز، إلا أنها كما يقول المحلل السياسي عبدالغني الماوري لا تجد أي اهتمام من أي طرف، مشيرا إلى أنها كانت ستحظى بذلك دوليا، فيما لو كانت -على الأقل- مهمة لدى السلطة الشرعية.
 
وقال لـ"الموقع بوست" في تفسيره لسبب زيارة غريفيث للحديدة وعدم وصوله تعز، هناك مسعى لوصم المحافظة بالفشل، فالانفلات الأمني غير المبرر فيها، ربما سيكون الذريعة التي ستجعل المبعوث الاممي لا يقوم بزيارة تعز.
 
ووفق الماوري فإن الأكثر خطورة تجاهل تعز، وأن يكون هناك تواطؤ على حصار مدينة تعد الأكثر سكانا، وهو أمر تتحمله ميليشيا الحوثي والسلطة الشرعية والتحالف العربي والأمم المتحدة.
 
واستطرد: تأتي زيارة المسؤول الأممي إلى الحديدة، في إطار اهتمامه بتأمين وصول المتفاوضين الحوثيين للسويد، ولم يستبعد أن تكون هذه الزيارة تمت بناء على نصيحة حوثية، مضيفا "سوف يكتشف غريفيث أن الحوثيين يفكرون بطريقة مختلفة عن الجميع، فهم يريدون تكريس الانقلاب وهذا المطلب صعب التحقق، ولن يكون بمقدور أحد أن يقدم تنازلا بهذا الشأن".
 
زيف دعاة الإنسانية
 
يوافق ذلك الرأي الناشط حمدي رسام، الذي أكد أن تعز تعتبر خارج اهتمامات المجتمع الدولي، فمنذ أربع سنوات والمدينة ترزح تحت الحصار ولم نرَ أي توجه جاد للمجتمع الدولي للضغط من أجل إنهاء حصارها.
 
وانتقد في سياق تصريحه لـ"الموقع بوست" عدم زيارة مسؤولين رفيعي المستوى لها طوال الحرب، مستغربا في الوقت ذاته من عدم وصول غريفيث إلى تعز، برغم ذهابه إلى الحديدة التي تعتبر منطقة اشتباكات.
 
وتابع "تعز تعتبر أكثر المدن تضررا من الحرب والحصار، وتعداد سكانها الأكبر بين جميع المحافظات، ومع ذلك نرى تجاهل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي الذي يتداعى لنصرة الإنسانية في الحديدة، بينما لا قيمة لها عندما يتعلق الأمر بتعز".
 
وبحسب رسام "يكشف لنا ذلك زيف دعاة الإنسانية في الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، والمبعوث الأممي ينفذ سياسة تلك المنظمة، التي تصنف القضايا الإنسانية بحسب الرغبات السياسية للدول الكبرى".
 
عدم موضوعية
 
وتُظهر الأمم المتحدة انحيازا واضحا للحوثيين في تقاريرها المختلفة، بينها تقرير خبراء بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، الذي وصفته وزارة حقوق الإنسان اليمنية بـ"الصادم"، ويفتقر إلى الدقة والحيادية.
 
وفي وقت سابق، رفضت الحكومة اليمنية التمديد لفريق الخبراء الأمميين المكلفين برصد انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، نتيجة لتسيس وضع حقوق الإنسان في البلاد، للتغطية على جريمة قيام ميليشيات مسلحة بالاعتداء والسيطرة على مؤسسات دولة قائمة بقوة السلاح، وانحيازها بشكل واضح للميليشيات الحوثية بهدف خلق سياق جديد يتنافى مع قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة باليمن وعلى رأسها القرار 2216، ولأنها جانبت معايير المهنية والنزاهة والحياد والمبادئ الخاصة بالآليات المنبثقة عن الأمم المتحدة.
 
يبلغ سكان تعز قرابة 3 ملايين ونصف، وهي مدينة تعيش في ظل الحصار والحرب منذ الربع الأول من العام 2015.


التعليقات