ما دلالة رفض الانتقالي قرارات الرئيس هادي؟ (تقرير)
- خاص السبت, 16 يناير, 2021 - 10:00 مساءً
ما دلالة رفض الانتقالي قرارات الرئيس هادي؟ (تقرير)

[ رئيس المجلس الانتقالي ]

رفض ما يُعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، قرارات الرئيس عبد ربه منصور هادي الأخيرة، والتي منها تعيين أحمد الموساي نائبا عاما للجمهورية، وأحمد عبيد بن دغر رئيسا لمجلس الشورى.

 

علي الكثيري المتحدث الرسمي باسم المجلس الانتقالي، اعتبر القرارات الجمهورية بأنها تمثل تصعيدا خطيرا وخروجا واضحا ومرفوضا عما تم التوافق عليه، مؤكدا إعلانهم موقفا رسميا بشأن ذلك، وأن تلك الخطوة نسفت اتفاق الرياض.

 

واعتقد كثيرون من متابعي الملف اليمني، أن حصول المجلس على 5 حقائب وزارية في حكومة الكفاءات الجديدة، سيكون كفيلا بتخفيف حدة التوتر بينه والسلطة، لكن ما حدث هو العكس.

 

فقبل أن يصبح الانتقالي شريكا في الحكومة، شكل حجر عثرة أمام الحكومات السابقة التي لم تستطع القيام بمهامها من العاصمة المؤقتة، والسيناريو ذاته يتكرر الآن كما يبدو، خاصة في ظل الأوضاع الأمنية غير المستقرة التي تعيشها عدن بالتزامن مع وصول رئيس الوزراء وفريقه إليها.

 

تبرير الرفض

 

اللافت في الأمر، أن الانتقالي أصبح شريكا في الحكومة بناء على اتفاق الرياض، الذي تم تنفيذ الشق السياسي منه قبل العسكري، الذي حدث ولكن بشكل شكلي.

 

إذ لا يزال الوضع كما هو في عدن وأبين، وتسيطر قوات الانتقالي على المشهد في العاصمة المؤقتة عدن، التي تتواجد حاليا بها الحكومة، والعاجزة حتى الآن عن إنقاذ الوضع الاقتصادي الذي يشهد تدهورا يقلق ملايين اليمنيين الذين ينتظرون مستقبلا مجهولا.

 

كما أن الانتقالي رفض حتى اليوم السماح لقوات اللواء الأول حماية رئاسية المتمركز حاليا في شقرة بأبين، دخول عدن لتسلم مهامها في حماية قصر معاشيق الذي يعد مقرا للحكومة، وفقا لاتفاق الرياض.

 

ولم يصدر بعد من الانتقالي توضيح لسبب رفض القرارات، لكن نادي القضاة الجنوبي قال إن قرار تعيين الموساي الذي ينتمي إلى محافظة مأرب، مخالف لعدد من مواد القانون، كما أنه لم يأتِ عبر اقتراح من مجلس القضاء وبعد موافقة أعضائه عليه، فضلا عن أنه جاء من المؤسسة الأمنية.

 

توجه مدروس

 

نوايا الانتقالي تكشفت مبكرا برغم أنهم أصبحوا شركاء في الحكومة، فقد أكد رئيس الانتقالي عيدروس الزبيدي أن شراكتهم مع الحكومة لن تدوم، وهي مستمرة حتى استكمال السلطة تحرير المحافظات الشمالية الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

 

كما ذكرت مرارا قيادات بالانتقالي وحتى بعد تنفيذ الشق السياسي من اتفاق الرياض، أن مشروع استعادة دولة الجنوب هو هدفهم الرئيسي. وذكر الزبيدي في تصريحات لقناة "سكاي نيوز عربية"، أن مشاركتهم في الحكومة، هو كي لا يتم تجاهل القضية الجنوبية، وأنه إذا حدث ذلك، فإنهم موجودون على الأرض، وسيطالبون بالانفصال الفوري، داعيا المجتمع الدولي للاعتراف بدولة الجنوب.

 

ويقول المحلل السياسي محمد الغابري، إن الانتقالي مليشيات خارج القانون اعتدت على مؤسسات الدولة، وأُرغم المجلس على التفاوض بدلا من إنهاء تمرده بالقوة، منتقدا قبول السلطة القانونية بالتفاوض معه.

 

وفسر الغابري رفض الانتقالي قرارات هادي، في حديثه لـ"الموقع بوست"، بأنه وقع على اتفاق الرياض وهو عازم على تعطيله، مستندا إلى مليشياته التي لم يتم دمجها كما ورد في الشق العسكري من الاتفاق.

 

وأضاف أن إعلانه رفض القرارات يشير إلى أنه يعتقد بأن اتفاق الرياض منحه الوصاية على الرئيس، وتلك عقلية المليشيات وطبيعتها التي لا تغيرها الاتفاقات، مشيرا إلى تبعية المجلس المطلقة لأبوظبي، والتي تعني أنه يتلقى الأوامر من دولة أجنبية معادية.

 

 

ويتفق مع وجهة النظر تلك، الكاتب الصحفي فهد سلطان، الذي اعتبر تصريحات الانتقالي بأنها محاولة للتملص من استحقاقات ما تبقى من تنفيذ اتفاق الرياض.

 

ولفت في تصريحه لـ"الموقع بوست" إلى أن الحكومة في عدن منذ أسابيع لم تتقدم خطوة واحدة، وتصريحات محافظ عدن أحمد لملس حول المليشيات والمعسكرات وتهيئة الجو للحكومة قوبلت بحزم من قبل الانتقالي والإمارات معا، حين تم استدعاؤه إلى أبو ظبي.

 

وحول إمكانية أن تمضي الحكومة إلى الأمام مع وجود مثل هكذا تعارض مع الانتقالي، يرى سلطان أن اتفاق الرياض من الأساس يفتقر للضمانات، وبالتالي تنفيذه أشبه بالمستحيل.

 

"كانت الإمارات تبحث عن اعتراف شرعي بالانقلاب، وتحقق ذلك، وبعدها لم تعد ملزمة بتنفيذ شيء، والضغوط السعودية هي محاولة يائسة لعمل اختراق في جدار الواقع الذي لم يعد في صالح أحد"، يبيّن سلطان.

 

مصير الاتفاق

 

سبق وأن جمدت الاتفاقات التي لم تنفذ كما وردت، معارك عديدة منها الحديدة، وكذلك استمرار بقاء عدن في وضع ضبابي كما يحدث الآن، ولذلك يتوقع المحلل السياسي الغابري سقوط اتفاق الرياض مجددا، ما لم تقف السعودية بحزم، مؤكدا أنها قادرة على منع ذلك إن توفرت لديها الإرادة.

 

وتابع "لو أنها فقط تلوح للانتقالي بأن سقوط اتفاق الرياض يعني تصنيف الانتقالي تمرد وإرهاب، وأن الحسم سيكون عسكريا، ومن ثم ملاحقة لقيادات الانتقالي وفقدانهم كل شيء، فإن ذلك سيكون كفيلا بإيقاف ما يجري في عدن".

 

ولم يظهر حتى الآن الانتقالي أي نية في تنفيذ اتفاق الرياض حتى الآن، بل العكس، وفق الكاتب سلطان، الذي أوضح أن المجلس لا يريد العمل على بنود ما تم توقيعه، وإنما الحصول على مكاسب أخرى لم يستطع الوصول إليها خلال الفترة الماضية، وجميعها تستهدف الدولة والسلطة والوحدة وشرعية التحالف ذاته.

 

يُذكر أن محافظ عدن أحمد لملس دعا مؤخرا إلى إخراج القوات العسكرية من المحافظة، كونها عاصمة لكل اليمنيين، مستنكرا الحملات العدائية ضد المنتميين إلى المناطق الشمالية.

 

وتم توقيع اتفاق الرياض قبل أكثر من عام للملمة الخلافات بين السلطة والانتقالي والتفرغ لقتال جماعة الحوثي، لكن تنفيذ الشق السياسي قبل العسكري ظل مثار جدل، كما أن الانتقالي لم يقم بدعم الحكومة، بل على العكس قام بالسيطرة على محافظات جنوبية عديدة وبدعم من الإمارات، وخاض جولات قتال عديدة ضدها.


التعليقات