[ يرى باحثون أن تهويل سلاح إيران مقدمة لخطوات قادمة ]
في 14 ديسمبر / كانون الأول، تحدثت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هالي أمام ما تدعي أنه شظايا صاروخ إيراني سقط في مطار بالعاصمة السعودية الرياض، أطلقه المتمردون الحوثيون من اليمن في نوفمبر / تشرين الثاني.
يقول معد التقرير الذي نشره موقع (صالون) لقد كان مشهدا مشؤوما مليئا بالتوازيات البارزة التي تذكرنا بخطاب كولن باول في الفترة التي سبقت الغزو والاحتلال الأمريكيين للعراق.
ونددت نيكي هالي بـ"العدوان الإيراني" و "الفوضى" في بلد وكالة الاستخبارات العسكرية، في حين فشلت في نطق كلمة عن المسؤولين عن ما اعتبر أكبر أزمة إنسانية في العالم في اليمن.
وقال وليام د. هارتونغ، مدير مشروع الأسلحة والأمن في مركز السياسة الدولية، للموقع: "إنه نفاق من أعلى المستويات، وأضاف "أعتقد أنه فاحش، في هذا السياق، لأن أكبر أزمة إنسانية في العالم هي في اليمن، والحلفاء الأميركيون مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة مسؤولون في المقام الأول".
الحرب الأهلية في اليمن تدخل السنة الثالثة، وتسببت بمقتل أكثر من 10،000 مدني حتى الآن، ولا يزال الملايين من اليمنيين يتراجعون في المجاعة، وهي كارثة لم تتفاقم إلا نتيجة الحصار السعودي، وشهدت البلاد أيضا أكبر وأسرع انتشار تفشي للكوليرا في تاريخ البشرية، ومنذ نيسان / أبريل، كان هناك أكثر من مليون حالة مشتبه فيها.
وأوضح هارتونغ أن الولايات المتحدة "عرضت عليهم [السعودية والحلفاء] عشرات المليارات من الدولارات من الأسلحة، بما في ذلك بعض القنابل التي استخدمت لقتل المدنيين، والتظاهر بأن ذلك لا يحدث، أعتقد أنه ليس فقط الفاحشة، ولكن هذا النوع من الشتائم يثير الناس الأذكياء".
وكان هالي (بوصفها كسفير)، الذي كان يقف قبل بقايا الصاروخ، قد طلب من المستمعين تخيل ما إذا كانت القنبلة قد توجهت نحو مدينة نيويورك أو واشنطن أو لندن أو أي مكان آخر في العالم، وحذر هالى من أن الولايات المتحدة لديها أدلة أخرى لإثبات أن الصاروخ إيرانى وأن البلاد انتهكت قرار مجلس الأمن الدولى رقم 2231.
وكانت الأمم المتحدة حتى الآن متشككة في ادعاءاتها، وأن الامين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس لم يتوصل إلى نفس النتيجة التى توصل إليها هالى فى تقريره. وبينما كان الصاروخ يشبه "كيام - 1 وهو متغير سكود إيراني الصنع" احتوى أيضا على "عنصر أميركي" وقال فريق من خبراء الأمم المتحدة إنه "ليس لديه أي دليل على هوية الوسيط أو المورد"، وفقا لما ذكرته صحيفة فورين بوليسي.
لكن الصاروخ الموجه نحو الرياض، بغض النظر عن أصول التصنيع، لم يشكل تهديدا مباشرا للولايات المتحدة، وبالتأكيد لا يقترب من مطابقة وابل القنابل التي هطلت على اليمن منذ عام 2015. في حين أن الولايات المتحدة زودت الطائرات السعودية بالوقود وهي التي قامت استهدفت المدارس والمستشفيات والمصانع والجنازات وحفلات الزفاف.
خطابة هالي كانت خطرة وتتناسب مع الموضوع الأوسع لإدارة ترامب لاتخاذ خط أقوى ضد إيران.
وقال هارتونغ "إن التوازن غير سخيف بين ما قد تفعله إيران وما تفعله الولايات المتحدة والسعوديون فى الواقع، وإننى ربما فوجئت قليلا أنهم يعتقدون أنهم يستطيعون الابتعاد عنها".
وقد أثار الرئيس دونالد ترامب إيران مرارا وتكرارا منذ توليه منصبه وتعهد بإلغاء الاتفاق النووي الإيراني، واستخدمت هالي الأدلة القليلة التي كانت عليها توجيه الإصبع والتوتر مع إيران، حيث تقترب إدارة ترامب بسرعة من موعدين نهائيين في منتصف شهر كانون الثاني / يناير بشأن التصديق على الاتفاق الإيراني.
وقال هارتونغ "يبدو من الشفاف جدا أن تكون نوعا من الحيلة السياسية للاستهلاك المحلي"، وأضاف أن خطاب هالي توجه "لجعل إيران تبدو وكأنها تهديد أكبر، في محاولة لتقويض الاتفاق النووي".
وقد تركت مذكرتها العديد من الوزراء، بمن فيهم وزير خارجية إيران، مشابها بين خطابها وكولن باول، الذي استخدم معلومات استخباراتية مضللة وخاطئة قبل الغزو الأمريكي للعراق.
وقال كيت جولد، المدير التشريعي لسياسة الشرق الأوسط في لجنة الأصدقاء للتشريعات الوطنية، لصالون: "من المفترض بالطبع أن الاستخبارات تستخدم هذا لاتخاذ قرار"، وأضاف "لا نريد تسويق الدعاية السياسية وهذا ما نراه هنا".
وأضاف جولد أن "مسرحيات" هالي كانت تستخدم بشكل واضح في "إثارة المشاعر الإيرانية في الولايات المتحدة".
وقالت "لقد رأينا خطابا واضحا حول وضع أساس لتصعيد إدارة ترامب ضد إيران". "إن أوجه التشابه بين مسرحيات نيكي هالي في خطاب ديا وكولن باول كانت مدهشة حقا، والنفاق مثير لالتقاط الأنفاس نظرا لأن الولايات المتحدة ترسل الكثير من الأسلحة إلى السعودية".
في الآونة الأخيرة، أعربت إدارة ترامب عن الدهشة في الاهتمام بالحل السياسي في اليمن، لكنها لم تذكر أي إشارة إلى وقف الدعم للحملة الجوية التي تقودها السعودية، وأوضح كل من هارتونغ وجولد أن الحل السياسي غير ممكن في اليمن دون أن تتخذ الولايات المتحدة هذه الخطوات أولا، ولكنها وافقت على أنه يمكن أن يكون هناك نزاع داخلي داخل الإدارة لاتخاذ إجراءات.
وقال هارتونغ للصحافيين "أعتقد أن البعض في الإدارة يدرك أن هذه الكارثة الإنسانية في اليمن ليست سيئة فقط للشعب اليمني بل هي وصمة عار على سمعة الولايات المتحدة".
وقال هارتونج إن السؤال الأساسى هو ما إذا كان "ترامب قد تغير حقيقيا فى القلب، وإذا كان الأمر كذلك، كم من الوقت سيستمر؟".
غير أن هارتونج أضاف أن هناك حاجة إلى المزيد من "العمل الملموس".
ولكن الولايات المتحدة لا يبدو أن لديها إستراتيجية طويلة الأجل في اليمن، ولا المملكة العربية السعودية، وقد قاد العدوان المتمثل في عملية العاصفة الحاسمة، ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي أشاد به ترامب.
وقال جولد "هؤلاء الناس الذين يتضورون جوعا حتى الموت ويراقبون أطفالهم وأفراد أسرهم وجيرانهم يموتون جوعا حتى الموت"، لكنهم لن ينسوا دور الولايات المتحدة فى هذا.