[ وضع إنساني متدهور في اليمن ]
طبقت إدارة ترامب منذ فترة طويلة معياراً مزدوجاً للعنف في اليمن، البلد الذي يواجه أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وتدين إدارة ترامب بشدة إيران لدعمها المتمردين الحوثيين، وتدعي أنها تزودهم بصواريخ باليستية قصيرة المدى وأسلحة أخرى، وفي الوقت نفسه، لا تتحدث الإدارة عن القصف الوحشي الذي تقوم به السعودية لدعم الحكومة اليمنية، وهي حملة جوية تزيد من عدد القتلى المدنيين بين السكان الذين يعانون بالفعل من المجاعة والكوليرا.
تزويد إيران للحوثيين بالصواريخ لم تثبت بعد، وإذا كانت التهمة صحيحة فإن إيران ستكون قد انتهكت قرار مجلس الأمن الدولي لعام 2015 الذي يمنعها من بيع أو نقل أسلحة معينة خارج البلاد دون موافقة مجلس الأمن الدولي، كما أنه يستحق إدانة لتصعيد أزمة يمكن أن ترفع ما هو بالفعل حرب بالوكالة بين اثنتين من القوى الكبرى في المنطقة، المملكة العربية السعودية، وإيران التي يقودها إلى نزاع مباشر.
ولكن في الوقت الراهن، تعتبر حملة القصف السعودية وحصارها على الموانئ والمطارات الرئيسية في اليمن الدوافع الرئيسية للأزمة، وقد قدمت الولايات المتحدة للتحالف الذي تقوده السعودية والذي يضم دولة الإمارات العربية المتحدة ودول الخليج العربي الأخرى ذخائر دقيقة التوجيه إضافة إلى الاستخبارات والقدرة على التزود بالوقود.
وفى مؤتمر صحفى عقد مؤخراً في قاعدة عسكرية بالقرب من واشنطن تجاهل نيكي هالي سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة بشكل واضح مشاركة الولايات المتحدة في هذه الحرب، وكان من بين المعروضات ما ادعى مسؤولو البنتاغون أنها صواريخ كيام الإيرانية الصنع من بينها الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون باتجاه مطار الرياض الشهر الماضي.
لم يتمكن المسؤولون، الرد على أسئلة أساسية من الصحفيين، متعلقة بإثبات اتهاماتهم بشأن مصدر الصواريخ، والغرض من هذا العرض، هو تعزيز حملة الإدارة لحشد الدعم الدولي لمعاقبة إيران وربما في يوم من الأيام الذهاب إلى الحرب ضد إيران، على أساس أن طهران مسؤولة إلى حد كبير لأنشطة زعزعة الاستقرار في المنطقة.
يذكر أن الاداء كله يذكر بخطاب كولن باول أمام مجلس الأمن كوزير دولة فى عام 2003 الذى أبدى فيه أسفه فيما بعد لحالة الحرب ضد العراق التى اتهم فيها العراق بإخفاء أسلحة الدمار الشامل.
على الرغم من تعاطف إيران مع الحوثيين، إلا أنها قدمت دعماً محدوداً للمجهود الحربي عام 2015، عندما بدأت المملكة العربية السعودية، العازمة على القيام بكل ما هو ضروري للتخلص من نفوذ طهران، بدأت أول غارة من 15000 غارة جوية، مما أسفر عن مقتل آلاف المدنيين، وتحويل القتال في اليمن إلى حرب بالوكالة.
ومع اعتماد اليمن على الواردات لمعظم الحاجات الأساسية، شددت المملكة العربية السعودية الحصار في الشهر الماضي بفرض الحصار البري والبحري والجوي بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون بالقرب من الرياض.
وعلى الرغم من كل ذلك، فشل التحالف الذي تقوده السعودية في هزيمة الحوثيين الذين يسيطرون الآن على العاصمة صنعاء، وفي الوقت نفسه، يتزايد عدد القتلى في اليمن، الذي يعتبر أفقر بلد في الشرق الأوسط، إذ قتل حوالي 10 آلاف شخص، وتعرض ثمانية ملايين شخص لخطر المجاعة، وتعرض ما يقرب من مليون شخص لوباء الكوليرا.
الرئيس ترامب، متحمس لعلاقات وثيقة مع القيادة السعودية الجديدة، بغض الطرف عن الأزمة الإنسانية، وتتعرض الادارة لضغوط متزايدة من اعضاء مجلس الشيوخ الذين هددوا بخفض المساعدات إلى السعودية، وتأخرت الاستجابة حتى 19 ديسمبر بعد اختيار ترامب جنفر نوستيد مستشارة قانونية لوزارة الخارجية، كما يتم الضغط على الإدارة من قبل منظمات دولية ومنظمات حقوقية لإقناع الرياض بوقف المذبحة.
وهناك ضغوط أخرى أيضا، فقد قالت السيدة نوستيد للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ إن المملكة العربية السعودية يمكن أن تنتهك القانون الأمريكي والدولي بتقييد تدفق المساعدات الإنسانية إلى اليمن، ودعت المدافعون عن حقوق الإنسان لفرض عقوبات من جانب الأمم المتحدة على محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، ومسؤولين آخرين في التحالف الذين يوجهون في حرب اليمن.
وهناك دلائل على أن الإدارة بدأت تستمع وتمارس تأثيراً بناء على السعوديين الذين قالوا في الأسبوع الماضي إنهم سيفتحون ميناء الحديدة الرئيسي لمدة 30 يوما حتى يمكن أن تتدفق المساعدات الإنسانية، ومع ذلك، فإن الحل الطويل الأجل للحرب لن يكون سريعاً، رغم أن السعوديين يستطيعون رفع الحصار ووقف الحرب في اليمن.
*نشرت المادة في موقع نيويورك تايمز وهي عبارة عن مقال رأي ويمكن الرجوع إليها على الرابط هنا
*الترجمة خاصة بالموقع بوست.