[ المؤلفة حين كانت باليمن ]
قالت لورا سيلفيا باتاغليا مؤلفة رواية "العروس اليمنية" لقناة أر تي الروسية بنسختها الإنجليزية إن ما يحدث في اليمن أمر مؤسف من شأنه أن يدمر الأجيال، وليس فقط أولئك الذين هم الآن في العشرينيات والثلاثينيات، ولكن حتى أولئك الذين هم في سن الـ15 وأجبروا على المشاركة في الحرب، للقتال على خطوط الجبهة، وجميع آمالهم دمرت، ولا يرون أي مستقبل.
وتذكر في تصريحها الذي ترجمه الموقع بوست بأن الحياة اليومية في البلاد التي مزقتها الحرب "صعبة للغاية" ليس فقط بسبب محدودية الحصول على الغذاء وانتشار الكوليرا والكثير من الأمراض الأخرى، ولكن أيضا نتيجة "القصف من التحالف السعودي.
وأضافت: "يموت اليمن لأن هذه الحرب ليست سريعة جدا، ولكنها نمت بطريقة أن الناس في حصار، وإذا لم يموتوا من القنابل أو في الاشتباكات، فإنهم يموتون بسبب الكوليرا وسوء التغذية، ولأنهم لا يحصلون على الغذاء أو المياه الصالحة للشرب ".
قالت باتاغليا "على الرغم من كل الفظائع، فإن الصراع في البلد العربي هو واحد من أكثر الأحداث التي لم يتم الإبلاغ عنها"، فالصحفيون الأجانب يتمتعون بإمكانية محدودة جدا للوصول إلى اليمن، والمراسلون المحليون متحيزون عموما تجاه مختلف الأطراف المتحاربة، تبعاً لوسائل الإعلام التي يعملون فيها.
وأوضحت أن المجتمع الدولي، وخاصة الأمم المتحدة، لم تتخذ موقفاً حاسماً بشأن الحرب اليمنية، وأضافت "إن الأمم المتحدة تريد الابتعاد عنها وليس لديها نظرة أكثر عمقاً حول هذا الصراع، فالبعض يحتاج إلى اتخاذ إجراء حاسم".
وسافرت باتاغليا لأول مرة إلى العاصمة اليمنية صنعاء في عام 2012 لدراسة اللغة العربية في واحدة من أفضل المدارس، تقول "كانت المدينة واحدة من أحلامي للهندسة المعمارية والثقافة، فقررت البقاء هناك ستة أشهر في السنة، حتى بدأت الحرب في عام 2015."
وفي إيطاليا، تعاونت باتاغليا مع رسام الكاريكاتير باولا كاناتيلا، وفي عام 2016، نشرت رواية غير عادية، "العروس اليمنية"، استنادا إلى تجربة باتاغليا الشخصية والانطباعات في البلاد العربية، فضلاً عن إجراء بحوث واسعة ومقابلات مع السكان المحليين، وقد أعيد طباعته في عام 2017، ومن المقرر نشره باللغة الإنجليزية هذا العام.
وتؤكد بأن القصص المصورة التي توضح الحياة اليومية في اليمن في بداية القرن الحادي والعشرين، هي على حد سواء تقاليد وثقافة البلاد، والأهوال الحالية التي تعاني منها إحدى أفقر البلدان في الشرق الأوسط، وتتكلم الرواية عن الإرهاب، والاتجار بالأطفال، واختطاف الأجانب، وزواج الأطفال، والمخدرات.
وتشير إلى إن الهدف من الكتاب هو جذب الجمهور وخاصة انتباه الشباب إلى اليمن، وبعضهم لا يعرف بالضبط أين توجد اليمن على الخريطة، وقد اختارت عمدا شكل الرواية المصورة من أجل الحصول على نطاق أوسع.
كما أراد المؤلفون إظهار منظور آخر لليمن، بصرف النظر عن الجانب المظلم الحالي، تقول: "أولئك الذين سمعوا عن اليمن، ومعظمهم يعرفون أن هذه البلاد مرتبطة فقط بالحرب والإرهاب، والحصول على فكرة أنه بلد خطير جدا، أردت أن أقول أيضاً قصص جيدة مع هذا الكتاب، عن تقاليد اليمن، وعلى وجه الخصوص تقاليد الزواج".
وتضيف: "اليمن رائعة عندما تتعرف على الناس، ترى كم هم لطفاء جدا مع الغرباء، علاقتي مع اليمن مثل علاقة مع شخص تحبه، تجد فيه أشياء جيدة وأشياء أخرى سيئة".
وكانت باتاغليا قالت للمونيتور الأمريكية في مقابلة هاتفيّة، "حاولنا عرض اليمن بكليّته، من قصص الحياة اليوميّة إلى الأحداث الاجتماعيّة السّياسيّة الأكبر التي تجري حاليًا في البلاد".
ويستند الكتاب إلى نقل باتاغليا المباشر على الأرض في صنعاء. وإنّ القصص، المستقلّة رغم ارتباط إحداها بالأخرى، تصف الحياة اليوميّة في اليمن في بداية القرن الواحد والعشرين بكلّ تناقضاتها ومعاناتها الإنسانيّة.
تبدأ الرّواية بطقوس الزفاف، وكما يشير العنوان، حفلات الزفاف هي موضوع متكرّر في الرّواية ويجري تقديمها من وجهات نظر مختلفة تكشف كلّ منها جانبًا جديدًا لهذا المجتمع الخليجي. في اليمن، تدوم حفلات الزفاف ثلاثة أيّام ويحتفل الرجال والنساء كلّ على حدة. أثناء تواجد باتاغليا في صنعاء، دعيت إلى حفل مخصّص للضيوف الإناث حيث حصلت على وردة حمراء تعني وفق التقاليد أنها ستكون التالية في الزواج. وفي صفحات لاحقة من الرّواية، تحصل أيضًا على إذن حصري بالدخول إلى احتفال للذكور فحسب.
تتناول كلّ قصّة موضوعًا جديدًا، بما في ذلك الإسلام، والإرهاب وخطف الأجانب. قالت باتاغليا إنّها أرادت التطرّق إلى كافة المواضيع التي قد يتوقّع القراء إيجادها في كتاب حول بلد عربي، "لكن لتعالجها بطريقة تجعلهم يفهمون أنّهم لا يعرفون شيئًا بشأنها".
مع تطوّر القصّة، ستناقش المؤلّفة المشاركة والشخصيّة الرّئيسيّة الإسلام وطريقة فهمه في كلّ من الشرق والغرب مع أحد أهمّ شيوخ صنعاء. وتشمل المواضيع الأخرى المخدرات والاتجار بالأطفال بين اليمن والسعوديّة، وزواج الأطفال، والمجازر التي ترتكبها الطيارات بدون طيار والحجاب الإسلامي.
ولا تقوم رواية باتاغليا على الانطباعات الشّخصيّة وحدها بل أيضًا على البحث المعمّق والمقابلات. تُعرَض كلّ قصّة بلون يرمز إلى موضوعها: فهناك الأحمر لأحداث الحياة اليوميّة، والأزرق للتقارير على أرض الواقع حول القضايا المعقّدة، والأصفر للروحانيّات والمقارنة بين القيم الشّرقيّة والغربيّة.