[ جاويش أوغلو أشار في كلمته أمام طلاب جامعيين بأنطاليا إلى تضارب الأقوال السعودية بشأن جثة خاشقجي (الأناضول) ]
شككت تركيا في أحدث رواية قدمتها السعودية لملابسات مقتل الصحفي جمال خاشقجي، وطالبت مجددا بمحاكمة الضالعين في الجريمة على أراضيها.
ففي أول رد فعل على بيان النيابة العامة السعودية الذي عرضه متحدث باسمها اليوم الخميس في مؤتمر صحفي بالرياض، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن بعض المعطيات في البيان غير كافية وغير مطمئنة.
وقال جاويش أوغلو أثناء كلمة ألقاها في ولاية أنطاليا (جنوبي تركيا) إن عملية قتل خاشقجي وتقطيعه خطط لها مسبقا، ولم تتطور فجأة كما ذُكِر في المؤتمر الصحفي للنيابة السعودية، مؤكدا على وجوب محاكمة فريق الإعدام في تركيا بحسب ما تنص عليه اتفاقية فيينا.
وأشار إلى تضارب الأقوال السعودية بشأن وجود المتعاون المحلي من عدمه، مع تأكيده أن النيابة السعودية لم تجب على سؤال مكان جثة خاشقجي، سواء دفنت أو حرقت أو تم التعامل معها بأي طريقة أخرى.
وبالتزامن، قال ياسين أقطاي مستشار الرئيس رجب طيب أردوغان في حزب العدالة والتنمية الحاكم تعليقا على رواية النيابة العامة السعودية، إنها تستهدف التستر على الجناة الحقيقيين.
وأضاف أقطاي "ينتظرون منا أن نصدق أن القتلة نفذوا ذلك من تلقاء أنفسهم.. هذا يصعب تصديقه جدا.. كل شيء واضح وضوح الشمس، لكن هناك محاولة للتستر على الأمر بشكل ما".
وكان بيان النيابة العامة السعودية قد عاد إلى رواية سابقة مفادها أن قتل خاشقجي وتقطيع جثته داخل قنصلية الممكلة في إسطنبول حدث عقب "شجار" مع فريق كان يحاول إقناعه بالعودة إلى بلده، وألقت النيابة مسؤولية القتل على قائد الفريق السعودي.
وتضمن البيان تناقضات من أهمها ما ورد في البند السابع عن القتل المتعمد لخاشقجي إذا تعذر نقله، بينما أكد في البند الثامن أن الوفاة جاءت طبيعية نتيجة جرعة زائدة من المخدر الذي حقن به.
وبعيد المؤتمر الصحفي للنيابة العامة، تحدث وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في الرياض ورفض مقترح تركيا إجراء تحقيق دولي في قضية خاشقجي، ونفى أي صلة لولي العهد محمد بن سلمان بالعملية، متهما أنقرة بعدم التعاون في التحقيق.
رد تركي
وفي إطار رد تركيا على التصريحات السعودية الجديدة، قال مكتب المدعي العام التركي للجزيرة إنه تفاجأ بحديث وزير الخارجية السعودي عن عدم تعاون تركيا في تقديم المعلومات.
وشدد المكتب على ضرورة محاكمة المشتبه بهم في جريمة خاشقجي داخل تركيا، مشيرا إلى أن المكتب طلب مرارا من السلطات السعودية إعادة المشتبه بهم، لكن لم يحصل على إجابة.
وقال إن القوانين التركية تنص صراحة على وجوب محاكمة المتهمين على الأراضي التركية، مضيفا أنه لا يمكن التعويل على أقوال مشتبه بهم تم الحصول عليها خارج البلاد.
وفي تعليق آخر على رواية النيابة السعودية بشأن ملابسات اغتيال خاشقجي، قلل مصدر تركي في تصريحات للجزيرة من تماسك الرواية السعودية الجديدة، وقال إن الفريق الذي قدم إلى إسطنبول يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي جاء من السعودية ومعه أمرٌ بالقتل.
وتساءل المصدر التركي: إذا كانت مهمة الفريق الذي جاء من السعودية هي التفاوض، فلماذا جاء بآلات قطع ومنشار؟
وأضاف أن التسجيلات الصوتية التي بحوزة السلطات التركية تظهر أن جمال خاشقجي قتل خنقا، مشيرا إلى أن أنقرة لو لم تكن لديها هذه التسجيلات لما تغيرت الرواية السعودية نحو الاعتراف بهذه المعطيات.
وتعليقا على حديث النيابة السعودية عن تسليم صورة تقريبية للمتعاون المحلي الذي قالت إنه تسلم الجثة، قال المصدر نفسه إن على السلطات السعودية أن ترسل إلى أنقرة طريقة الاتصال به وهاتفه لا مجرد صورته، مشيرا إلى أنه لو كان المتهمون لدى الجانب التركي لتم الحصول على الجواب القطعي بشأن الشخص.
وقال مراسل الجزيرة في تركيا عمر خشرم إن الردود التركية في مجملها تؤكد التمسك بموقف أنقرة الذي يقوم على ضرورة محاكمة المتهمين في تركيا، وعدم الثقة بالرواية السعودية، وإلاصرار على معرفة من أمر بقتل خاشقجي.
وكان الرئيس التركي أكد مرارا أن الأمر بتصفية خاشقجي جاء من أعلى المستويات في الحكومة السعودية، وقال إن الملك سلمان بن عبد العزيز فوق الشبهات. وفُسرت تصريحات أردوغان بأنه يلمّح إلى مسؤولية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.