بدأت صباح الثلاثاء، أعمال قمة العشرين في جزيرة بالي الإندونيسية، حيث سيناقش زعماء وقادة الدول الأعضاء على مدى يومين، ملفات بارزة تتصدرها تداعيات حرب روسيا في أوكرانيا والتعافي الاقتصادي وأزمة المناخ، وذلك على حساب النزاعات في الشرق الأوسط التي تتلاشى أهميتها في المحافل الدولية، وعلى رأسها النزاع الدائر في اليمن.
وفي كلمة افتتح بها أعمال القمة، شدد الرئيس الإندونيسي رئيس القمة، "جوكو ويدودو"، على أنه "يجب تجنّب حرب عالمية أخرى"، مضيفا "يجب إنهاء الحرب" في أوكرانيا.
وقال ويدودو "إنه شرف لإندونيسيا أن تستضيف قمة مجموعة العشرين، وأنا أدرك أننا نحتاج إلى جهود ضخمة حتى نتمكن من الجلوس معا في هذه القاعة".
ودعا الرئيس الإندونيسي إلى الوحدة والعمل الجاد لإصلاح الاقتصاد العالمي رغم الخلافات العميقة بشأن الحرب، مشددا على وجوب أن تكون مجموعة العشرين هي المحرك للانتعاش الاقتصادي الشامل.
القمة التي غاب عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، شارك فيها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عبر دائرة تلفزيونية، محدثا زعماء 17 دولة حاضرون في القمة على ضرورة إيقاف الحرب الروسية في بلاده بموجب خطة سلام اقترحها.
وتمثل مجموعة العشرين، التي تضم دولا منها البرازيل والهند والمملكة العربية السعودية وألمانيا، أكثر من 80 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و75 في المائة من التجارة الدولية و60 في المائة من سكان العالم.
وكانت هناك علامة إيجابية عشية القمة تمثلت في الاجتماع الثنائي الذي استمر ثلاث ساعات بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الصيني شي جينبينغ، إذ تعهدا بتكثيف الاتصالات رغم العديد من الخلافات بينهما.
كما التقى بايدن نظيره التركي رجب طي أردوغان وبحثا معا العلاقات الثنائية، بما يشمل قضايا التجارة والأمن، وفقا لبيان الرئاسة التركية التي قالت أيضا إن "بايدن قدم تعازيه في ضحايا تفجير إسطنبول يوم الأحد"، فيما أكد أردوغان مواصلة حكومته في طلبها شراء طائرات إف-16 المقاتلة.
وعلى هامش القمة، التقى ولي العهد السعودي رئيس مجلس وزراء المملكة الأمير محمد بن سلمان، برئيس الوزراء البريطاني "ريشي سوناك"، والذي يشارك في القمة لأول مرة بعد أيام من تسلمه منصبه.
حضر اللقاء الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز وزير الطاقة، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار الأمن الوطني الدكتور مساعد بن محمد العيبان، ووزير التجارة وزير الإعلام المكلف الدكتور ماجد بن عبد الله القصبي، والوفد الرسمي لرئيس الوزراء البريطاني.
كما التقى بن سلمان، برئيس دولة الإمارات "محمد بن زايد"، الذي تشارك بلاده في القمة كضيف بناء على دعوة الرئيس الإندونيسي.
وإضافة للقاءات الثنائية التي سيعقدها الزعماء المشاركون في القمة ومنهم الرئيس الفرنسي ورئيس جنوب إفريقيا ورؤساء وزراء الهند وكندا واليابان وأستراليا، سيعقد وزراء خارجية الارجنتين والبرازيل وروسيا كممثلين عن بلدانهم لقاءات ثنائية تتمحور حول العلاقات والصراع وتداعيات أزمات المناخ وأوكرانيا والاقتصاد العالمي.
مسودة بيان محتملة
وفي مسودة البيان الختامي المقترحة للقمة، ندد المشاركون بحرب أوكرانيا وتداعياتها الاقتصادية على العالم.
وقالت المسودة -التي لم تعتمد بعد رسميا ويمكن أن تتغير- إن الحرب المستمرة في أوكرانيا منذ أكثر من 8 أشهر تفاقم الهشاشة في الاقتصاد العالمي.
وكشف مشروع البيان الختامي للقمة التي تختتم غدا الأربعاء أن الدول المشاركة في قمة بالي -بما فيها روسيا- ستندد بالآثار السلبية للحرب في أوكرانيا في ما يتعلق بالغذاء والطاقة والتضخم وغيرها.
بيد أن المسودة تشير إلى وجود مواقف مختلفة للدول الأعضاء بشأن الحرب في أوكرانيا.
وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده ترفض محاولة إدانة روسيا في البيان الختامي لمجموعة العشرين، متهما الدول الغربية بمحاولة تسييس البيان الختامي.
وجاء في الوثيقة التي اطلعت عليها وكالة رويترز ووكالة الصحافة الفرنسية وأكدها دبلوماسي أوروبي للجزيرة نت "إدراكا منا بأن مجموعة العشرين ليست منتدى لحل القضايا الأمنية فإننا ندرك أن القضايا الأمنية يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي".
وتدعو مسودة البيان إلى تمديد اتفاق تصدير الحبوب الذي توصلت إليه أوكرانيا وروسيا في يوليو/تموز الماضي بوساطة تركيا والأمم المتحدة، والذي ينتهي السبت المقبل.
كما أكد مشروع البيان الختامي لقمة العشرين أن "حقبة اليوم يجب ألا تكون حقبة حرب"، وقال إن استخدام الأسلحة النووية أو التهديد غير مقبول.
وفي الإطار نفسه، حذر الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال القمة من تحويل الغذاء والطاقة إلى سلاح، وبدا تحذيره انتقادا مبطنا للحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقال شي إنه يتعين معارضة تسييس مشاكل الغذاء والطاقة، مجددا معارضة بلاده سياسة العقوبات الغربية.
وأضاف أنه "لا يمكن للمواجهة بين التكتلات والترسيم الأيديولوجي إلا أن تقوض التقدم العالمي".
ولا يبدو حتى الآن أي إشارة لليمن والنزاعات الأخرى في المنطقة ضمن أعمال القمة، مع احتمال طرح الصراع الدائر في البلاد بشكل هامشي ضمن كلمات المشاركين كولي العهد السعودي والرئيس الإماراتي اللذان تقود بلادهما تحالفا عسكريا داعما للحكومة والمجلس المشكل مؤخرا من قوى وتيارات متباينة في مواقفها من مليشيا الحوثي المدعومة من إيران.