ظلال أزمات الواقع العربي في القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية
- الجزيرة نت الثلاثاء, 02 مارس, 2021 - 12:38 مساءً
ظلال أزمات الواقع العربي في القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية

أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية عن قائمتها الطويلة من الروايات لدورة العام 2021، المكونة من 16 رواية صدرت خلال الفترة بين الأول من يوليو/تموز 2019 وحتى آخر أغسطس/آب 2020، وجرى اختيارها من بين 121 رواية تقدمت للجائزة.

 

وبحسب بيان موقع الجائزة، وصل إلى القائمة الطويلة للجائزة في دورتها الرابعة عشرة كتّاب من 11 بلدا، تتراوح أعمارهم بين 31 و75 عاما، وتعالج الروايات قضايا ذات صلة بواقع العالم العربي اليوم، من معاناة العراق وانتشار الجماعات المتطرفة، إلى وضع المرأة في العالم العربي.

 

تنحو 3 روايات من القائمة في اتجاه فضاء بوليسي، ارتكبت جرائمها على خلفية حروب وصراعات في المنطقة. كما اتخذت روايات القائمة الطويلة فضاءات عدن وعمّان والدار البيضاء ووهران وغيرها من المدن العربية ساحة لأحداثها، وتحكي عن العلاقات الإنسانية ودور الأدب في التنوير.

 

من بين قائمة الروائيين الستة عشر الذين وصلت أعمالهم إلى القائمة الطويلة، ثمة العديد من الأسماء المألوفة من بينهم جلال برجس (المرشح للقائمة الطويلة عام 2019 عن رواية "سيّدات الحواسّ الخمس") ومحسن الرملي (المرشح للقائمة الطويلة مرتين في عامي 2010 و2013 عن روايتي "تمر الأصابع" و"حدائق الرئيس") والحبيب السالمي (المرشح مرتين للقائمة القصيرة في عامي 2009 و2012 عن روايتي "روائح ماري كلير" و"نساء البساتين") ويوسف فاضل (المرشح للقائمة القصيرة عام 2014 عن "طائر أزرق نادر يحلق معي") ومنصورة عز الدين (المرشحة للقائمة القصيرة عام 2010 عن "وراء الفردوس") وحامد الناظر (المرشح للقائمة الطويلة مرتين في عامي 2016 و2018 عن روايتي "نبوءة السقّا" و"الطاووس الأسود")، بحسب بيان الجائزة.

 

وشهدت الدورة الحالية من الجائزة وصول كتّاب للمرة الأولى إلى القائمة الطويلة وهم: عبد الله البصيّص، وعبّاس بيضون، وأحمد زين، وعبد المجيد سباطة، وعبد اللطيف ولد عبد االله، وعبد الله آل عياف، وأميرة غنيم، وعمارة لخوص، ودنيا ميخائيل، وسارة النمس.

 

دفاتر الوراق

 

من جانبه أعرب الكاتب الأردني جلال برجس عن سعاته بوصول روايته "دفاتر الوراق" للقائمة الطويلة، وقال للجزيرة نت إن ذلك الوصول "انتصار لقرائي الذين آمنوا بكلمتي، وقرؤوا روايتي خلال الفترة السابقة التي عانى منها الإنسان مما خلفه فيروس كورونا على حياتنا، حيث واجهوا العزلة القاسية بلذة القراءة، وصار لهم أن يتجاوزوا كل ما فرضته الجائحة، تماما مثلما صار لي أن ألجأ للكتابة مدافعا عن إنسانيتي".

 

وتحكي الرواية قصة "وراق" مثقف منعزل وقارئ نهم للروايات يفقد عائلته وبيته، ويصبح مشردا على غرار الفيلسوف اليوناني القديم ديوجين؛ فتقع له جملة من الأحداث تجعله حديث الشارع العربي في زمن باتت فيه وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة أهم عناصره.

 

تلبس الوراق الشخصيات التي يقرأ عنها في الروايات، فيتصرف من خلالها، لكن جراء العزلة والوحدة والتشرد وما واجهه من قسوة في عالم صاخب، تتفاقم حالته فتكتمل إصابته بفصام الشخصية، ليعيش صراعا بين صوتين في داخله: واحد مُحرض على ارتكاب عدد من الجرائم حيال واقع لم يمنحه حقه في العيش، والثاني يقف بوجهه متكئا على محمول معرفي عميق.

 

تكشف الرواية إضافة إلى هذا المنحى من سينتصر على الآخر، وكيف تتشابك الحكايات ببعضها لتؤدي إلى مقولة رئيسية في الرواية مفادها "إن الخوف حتما سيؤدي إلى الخراب"، كما تطرح عددا من التساؤلات أهمها: إلى أي مدى يمكن للفرد أن يصوغ حياته بمعزل عما حوله من مؤثرات؟ ومتى يمكن للشخصية الثانية داخل الإنسان أن تخرج للعلن فيتحول الإنسان إلى وحش؟

 

روايات عربية جديدة

 

في روايته "قاف قاتل سين سعيد" يقوم الكويتي عبد الله البصيص بسرد آسر وحبكة مثيرة، قصة بوليسية ذات أبعاد نفسية عن قضية محقق شاب يعيد التحقيق في اختفاء مراهق قبل 20 عاما، لتتكشف جوانب اجتماعية وأخلاقية عديدة.

 

وفي روايته "علب الرغبة" يقدم الشاعر اللبناني عباس بيضون قصة فتاة لبنانية من ضاحية نائية في واقع اجتماعي معقد، وفي روايته "بنت دجلة" يكمل الروائي العراقي محسن الرملي قصته "حدائق الرئيس"، مستعرضا النفوس البشرية القاسية وقصة بلد مزقته نزاعات العشائر والأحزاب والطبقة الحاكمة.

 

وفي "فاكهة للغربان" لأحمد زين، يؤرخ الروائي اليمني شتات جنوب اليمن بين الاستعمار والشيوعية، مستعرضا أحداثا سياسية ساخنة، وفي رواية "الاشتياق إلى الجارة" للكاتب التونسي المقيم في باريس الحبيب السالمي، يدخل القارئ العربي إلى متاهات وعوالم وقضايا ساخنة عبر لعبة البساطة المخاتلة والاشتغال على التفاصيل الصغيرة والقصص المنسية في زحمة المدن الكبرى، في حين يحضر سؤال الهوية بأشكال مختلفة.

 

من خلال لعبة غواية ماكرة وساخرة وقصة حب مخاتلة غير مألوفة تجمع أستاذا جامعيا ستينيا بخادمة خمسينية، لا شيء يجمع بينهما في الظاهر سوى أنهما تونسيان ويقيمان في العمارة ذاتها. قصة ثنائية يتجاذبها طرفان في علاقة حب متناقضة ومتذبذبة وملتبسة ومتحولة وغامضة، لكن هذه القصة الثنائية تنفتح على شخصيات أخرى مؤثرة وعلى قضايا مهمة.

 

وفي رواية "الملف 42" للروائي عبد المجيد سباطة، يعيد الأديب المغربي النبش في قضية "الزيوت المسمومة"، وهي مأساة منسية تعود لمغرب ما بعد الاستقلال، ودخلت بالقائمة الطويلة أيضا رواية "عين حمورابي" للأديب والمهندس الجزائري عبد اللطيف ولد عبد الله، و"بساتين البصرة" للروائية والصحفية المصرية منصورة عز الدين.

 

واشتملت القائمة أيضا على روايات "حفرة إلى السماء" للأديب السعودي عبد الله آل عياف، و"نازلة دار الأكابر" للروائية والأكاديمية التونسية أميرة غنيم، و"طير الليل" للروائي الجزائري عمارة لخوص، و"جيم" لمواطنته سارة النمس، و"حياة الفراشات" للروائي والمسرحي المغربي يوسف فاضل، في حين شارك السودان برواية وحيدة هي "عينان خضراوان" للإعلامي والروائي حامد الناظر.

 

انسحاب سابق

 

وكان مثقفون وكتاب عرب قد أعلنوا انسحابهم من فعاليات الجائزة على خلفية الإعلان عن اتفاق التطبيع بين إسرائيل والإمارات، بينهم الشاعر والروائي الفلسطيني أحمد أبو سليم الذي سحب ترشيح روايته "بروميثانا" من الجائزة، وفي المقابل أكد الكاتب والأكاديمي الفلسطيني خالد الحروب أنه رفض ترؤس لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية هذا العام، علما بأنه عضو سابق في مجلس أمنائها.

 

وفي سبتمبر/أيلول الماضي وقع 17 من الفائزين السابقين بالجائزة العالمية للرواية العربية، ومن رؤساء وأعضاء لجان تحكيم وأعضاء مجلس أمناء سابقين من جنسيات عربية مختلفة، على نداء وجّه إلى مجلس أمناء الجائزة يطالب بوقف التمويل الإماراتي لها على خلفية التطبيع مع إسرائيل، ودعا البيان "مجلس الأمناء الحالي إلى تحمُّل مسؤوليته الثقافية التاريخية في حماية الجائزة عبر إنهاء التمويل الإماراتي، وذلك حفاظا على مصداقية الجائزة واستقلاليتها".

 


التعليقات