[ مجندون يحملون جنديا بعد معركة مع القاعدة في محافظة لحج ]
ضاعفت الولايات المتحدة عدد الضربات الجوية ضد تنظيم القاعدة خلال العام 2017م إلى ثلاثة أضعاف، وهي واحدة من أكثر المنظمات الإرهابية خطورة وأكثرها تطوراً في العالم، وأعلن البنتاغون مؤخرا مقتل قادة القاعدة الرئيسيين وتعطيل عمليات الجماعة.
ومع ذلك، اعترف مسؤولون في مكافحة الإرهاب وغيرهم من محللي الاستخبارات الأمريكية بأن الحملة لم تنهي نهائياً قدرة الجماعة الإرهابية على ضرب مصالح الولايات المتحدة.
وقال نيكولاس راسموسن، الذى تنازل عن منصبه في هذا الشهر بعد ثلاث سنوات من منصب مدير مركز مكافحة الإرهاب، فى مقابلة "نحن لا نشعر بعد بأننا أنهينا المشكلة فى اليمن، لا تزال واحدة من أكثر الأماكن إحباطاً في عملنا لمكافحة الإرهاب في الوقت الراهن."
وحتى في الوقت الذي يشيد فيه الرئيس ترامب بزوال الخلافة التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، فإن التهديد بالهجوم الإرهابي يبقى موجود ويشغل الحكومة الأمريكية، وكانت الجماعة التي تعرف باسم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، قد أزعجت ترامب منذ أيامه الأولى في منصبه، وذلك عندما أذن الرئيس بغارة شائنة على مخبأ للقاعدة أدت نتائج هذه المداهمة إلى موت أحد قادة البحرية الأمريكية.
إن الحملة ضد تنظيم القاعدة تعتبر حملة عسكرية مختلفة في جزء آخر من اليمن، وتعمل على تأجيج الكارثة الإنسانية التي تجتاح البلاد، وتعتبر اليمن، واحدة من أفقر الدول في العالم العربي، والتي تعاني من صراع أهلي بدأ منذ أن قام المتمردون الحوثيون المتحالفون مع إيران بدخول العاصمة صنعاء في عام 2014 ثم أطاحوا بحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي.
في آذار / مارس 2015، بدأت المملكة العربية السعودية وتحالف الدول العربية حملة عسكرية تهدف إلى رد الحوثيين واستعادة الحكومة، وقد فشلت هذه الحملة حتى الآن في القيام بذلك، وبدلا من ذلك تسببت في أشد أزمة إنسانية في العالم، وأسوأ تفشٍ للكوليرا في التاريخ المعاصر وانتشار سوء التغذية والمجاعة.
واستغل تنظيم القاعدة الفراغ الأمني، وفي عام 2015 سيطر على أجزاء كبيرة من الأراضي في الجنوب، بما في ذلك المكلا، خامس أهم مدينة في اليمن ومصدر رئيسي للإيرادات.
ولا يزال جناح القاعدة في اليمن شائعاً جداً لأن الجماعة أمضت سنوات في اختراع المتفجرات التي يصعب اكتشافها، بما في ذلك محاولة إخفاء القنابل في أجهزة مثل الهواتف الخلوية، وقد حاولت ثلاث مرات تفجير الطائرات الأمريكية، دون نجاح، وقال مسؤولون في المخابرات إن أبرز صناع القنابل، هو إبراهيم حسن العسيري، ما زال طليقا، ويقوم بتدريب المجاهدين، وفق نيويورك تايمز الذي ترجم ما نشرته "الموقع بوست".
وقال ديفيد بيترايوس المدير العام المتقاعد من ال C.I.A في مؤتمر أمني هذا الشهر "لا يزال الرجل الأكثر خطورة في العالم طليقاً".
ومع عدم وجود حكومة حقيقية في اليمن، لا تملك الولايات المتحدة تواجد لقوات العمليات الخاصة C.I.A. كما كان الحال قبل الحرب الأهلية في اليمن، ويقول مسؤولو مكافحة الإرهاب الأمريكيون، إنهم يفتقرون إلى فهم أعمق الوضع هناك.
وقال جيرالد فيرشتاين، وهو سفير سابق للولايات المتحدة لدى اليمن: "لا يمكننا التمييز بين الأشخاص الذين يعتبرون تهديدا فعليا وبين الذي يعملون فقط معهم".
ويجب الإشارة إلى أن القوات اليمنية والإماراتية المدعومة من قبل الولايات المتحدة، زادت من مهاجمتها لأعضاء تنظيم القاعدة الذي يقارب عددهم 3 ألاف فرد، في المناطق الوسطى والجنوبية من البلاد خلال الـ18 شهراً الماضية، مما دفعهم إلى الهروب إلى المناطق الجبلية الوعرة.
ومنذ 28 فبراير، وكجزء من حملة ترامب المكثفة ضد الإرهابيين، شنت الولايات المتحدة ما يقرب من 130 ضربة جوية في اليمن معظمها ضد مقاتلي القاعدة مع حوالي 10 ضد مقاتلي الدولة الإسلامية، وفقا للقيادة المركزية للبنتاجون وهذا العدد أعلى من عدد الضربات في عام 2016.
وفاخرت القيادة المركزية في بيان غير عادي في شهر ديسمبر بأن الغارات الجوية والعمليات الخاصة قتلت العديد من قادة القاعدة المهمين.
وقال المتحدث باسم القيادة المركزية" إن "الهجمات" قد وضعت ضغوطا على شبكة القاعدة في شبه الجزيرة العربية، مما حاصر حرية حركتها، وأعاق قدرة المنظمة على تجنيد وتدريب وحدات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على تخطيط وتنفيذ العمليات الخارجية ".
وفي الجنوب، أعلن أكثر من أربعة آلاف جندي يمني تدعمهم قوات الإمارات العربية المتحدة مؤخراً مقتل واعتقال العديد من مقاتلي القاعدة في مقاطعتي أبين وشبوة، وقد تم نشر قوات الأمن الحكومية في معظم معاقل القاعدة السابقة، بيد أن المسلحين مازالوا موجودين فى البيضاء وجزء من شبوة.
كما أسرت القوات اليمنية بعض عناصر القاعدة المهمين، وقال مسؤول أميركي إن استجوابهم أعطى القوات اليمنية وشركاءها الإماراتيين والأميركيين معلومات قيمة حول التسلسل الهرمي لقيادة التنظيم وخطط الدعاية والشبكات المحلية.
وقال الجنرال جوزيف فوتيل، رئيس القيادة المركزية، في مقابلة خلال المؤتمر الأمني لحوار المنامة: "لقد عطلنا تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية لكنني ما زلت قلقا" وأضاف: "إنها منظمة أثبتت مرونتها بمرور الوقت وهذا عنصر خطير للغاية من تنظيم القاعدة ".
وصرحت لورا شياو، مديرة المخابرات بالنيابة للمركز الوطنى لمكافحة الإرهاب، في جلسة استماع لمجلس الشيوخ في ديسمبر بأن فرع القاعدة في اليمن "يواصل استغلال الصراع في اليمن لكسب مجندين جدد وتأمين مناطق آمنة، مما يسهم في تهديده الدائم".
ووفقاً للقيادة المركزية، فإن القاعدة ليست المجموعة الإرهابية الوحيدة التي تسعى للإستفادة من الاضطرابات في اليمن، وقد تضاعف حجم تنظيم الدولة الإسلامية هناك في العام الماضي. ورداً على سؤال في جلسة الاستماع التي عقدها مجلس الشيوخ في ديسمبر قال مارك ميتشيل المسؤول الكبير في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الذي يشرف على سياسة العمليات الخاصة، "سيكون أول مكان هو اليمن".
ويقول خبراء في اليمن إنه ليس من الواضح على الإطلاق أن الاستخدام المتصاعد للقوة العسكرية في البلاد مرتبط بأي نهج أوسع لمكافحة الإرهاب يعتمد على الدبلوماسية والجهود الإنسانية ويهدف إلى تحقيق الاستقرار والتعاون وتنفيذ القانون الذي يمكن أن تحقق مكاسب مستدامة ضد تنظيم القاعدة.
وقال جوشوا غيلتزر، الذي كان مديراً رفيع المستوى لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي خلال إدارة أوباما: "أنا قلق من أن هذا الجهد العسكري، مهما كان فعالا، قد يكون بعيد عن نهج استراتيجي أوسع".
وأوضح السيد راسموسن أنه في الوقت الذي شُنت فيه الحملة العسكرية ضغوطاً على شبكة القاعدة في اليمن، فإن عدم وجود حكومة للعمل معها أعاق الجهود، وقال راسموسن "ما زلت أشعر بأننا نفتقر إلى الكثير من ذلك الآن". وأضاف "لقد فقدنا الرؤية الواضحة حول ما يحدث على الأرض في اليمن".
يذكر أنه بعد خمسة أيام فقط من توليه منصبه، وافق ترامب على إرسال فريق سيل 6 التابع للبحرية الأمريكية، على أمل أن تنتج العملية ضد مجمع لتنظيم القاعدة إلى الحصول على الهواتف المحمولة والحواسيب المحمولة التي يمكن أن تعطي أدلة قيمة عن واحدة من أخطر الجماعات الإرهابية في العالم.
وكانت نتيجة العملية مقتل قائد الكوماندوز وليام أوينز، بالإضافة لجرح ثلاثة آخرين من القوات البحرية في معركة استمرت ما يقارب الساعة. وأدت إلى سقوط ضحايا كثير من المدنيين.
واستعادت القوات الإماراتية، المكلا في أبريل / نيسان 2016، ولكن في الأسابيع الأخيرة، ظهرت حواجز عسكرية في جميع أنحاء المدينة، واشتدت الإجراءات الأمنية رداً على مخاوف المسؤولين الحكوميين من أن مقاتلي القاعدة قد يتسللون مع عدد كبير من الأسر الذين فروا من حملة القمع الحوثي في صنعاء على مؤيدي الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي قتله الحوثيون مطلع ديسمبر بعد أن كسر تحالفه معهم.
*نشرت المادة في موقع نيويورك تايمز ويمكن العودة إليها من الرابط هنا
*ترجمة خاصة بالموقع بوست.