[ أحد المنازل التي دمرت نتيجة قصف التحالف العربي على اليمن ]
بالنسبة للشبكة الإخبارية الأمريكية الشهيرة " MSNBC" فإن الكارثة الإنسانية الأكبر في العالم لا تستحق كثير من الاهتمام بالرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية قد لعبت دورا رئيسيا في خلق هذه الأزمة واستمراريتها.
وخلص التحليل الذي أجري بواسطة موقع" “ FAIR إلى أن الشبكة الرائدة لم تخصص ولو جزءا بسيطا عن اليمن في النصف الثاني من العام 2017م.
وخلال الستة الأشهر الأخيرة من العام خصصت الشبكة مقاطع إخبارية عن روسيا بما يوازي خمسة آلاف مرة أكبر مما تم تخصيصه لليمن .
علاوة على ذلك، فإن الشبكة أفردت تقريرا واحدا عن الغارات السعودية المدعومة أمريكيا في اليمن والتي قتلت الآلاف من المدنيين اليمنيين. ولم تذكر الشبكة شيئا عن التفشي الضخم لوباء الكوليرا والذي أصاب أكثر من مليون يمني في أكبر تفشيٍ لهذا الوباء في التاريخ في ذالك البلد الفقير.
كل هذا على الرغم من أن الحكومة الأمريكية لعبت دورا رائدا في الحرب المستمرة منذ 33 شهرا والتي دمرت اليمن ومستفيدة من بيع أسلحة تبلغ قيمتها عدة مليارات من الدولارات إلى المملكة العربية السعودية بالإضافة إلى تزويدها بالوقود الطائرات الحربية السعودية التي تقصف المناطق المدنية بلا هوادة ، إضافة إلى تقديمها دعم مخابراتي وعسكري للقوات الجوية السعودية.
مع القليل من التغطية الإعلامية سواء من قبل " MSNBC" أو غيرها ، فإن الولايات المتحدة – و تحت إدارة كل الرئيسين باراك أوباما ودونالد ترامب – دعمت بقوة المملكة العربية السعودية التي تفرض حصارا خانقا على اليمن، ووفرت حماية دبلوماسية لهذه الدولة الديكتاتورية الخليجية التي أغرقت ملايين من المدنيين اليمنيين في جوع جماعي ودفعت أفقر بلد في الشرق الأوسط إلى حافة المجاعة، من أي شكل من أشكال العقاب.
ذكر واحد للسعودية ولا مرة تم ذكر الكوليرا
أجرى موقع " “ FAIR تحليلا شاملا لما بثته الشبكة والمؤرشف على قاعدة بيانات نيكسيس للأخبار. (استمدت الأرقام الواردة في هذا التقرير من بيانات نيكسيس.)
في عام 2017، ذكرت الشبكة كلمات "روسيا" أو "الروسي" أو "الروس" في 1،385 برنامجا إذاعيا ،إلا أن 82 برنامجا فقط استخدموا عبارة "اليمن" أو "اليمنيين" أو "اليمني" في العام بأكمله.
وعلاوة على ذلك، فإن غالبية هذه المواد البالغ عددها 82 بثا إذاعيا لم تذكر اليمن إلا مرة واحدة وبشكل عابر، وببساطة فإن اليمن ، وفي أحيان كثيرة ، لم تذكر إلا في سياق قائمة طويلة من الدول والتي استهدفها حظر الرئيس ترامب للطيران.
ومن بين كل هذه البرامج الإذاعية في عام 2017، لم يكن هناك سوى مقطع إخباري واحد من الشبكة تم تخصيصه للحرب السعودية المدعومة أمريكيا في اليمن .
في الثاني من تموز / يوليو، بثت الشبكة مقطعا إخباريا على برنامج " The Point " بعنوان "صفقة الأسلحة السعودية يمكن أن تؤدي إلى تفاقم أزمة اليمن". وغطى المقطع الإخباري لمدة ثلاث دقائق العديد من النقاط المهمة حول الدعم الأمريكي للحرب السعودية الكارثية في اليمن.
ومع ذلك، فإن هذا المقطع الإخباري الغني بالمعلومات كان هو الوحيد الذي تمت إذاعته طوال العام.
وتبين عملية البحث في قاعدة بيانات نيكسيس وكلمة اليمن على موقع الشبكة أنها لم تكرس خلال ستة أشهر تقريبا من بثها في 2 تموز / يوليو أي مقطع إخباري آخر مخصص للحرب في اليمن.
ويظهر البحث في البرامج الإذاعية للشبكة أنها اكتفت بذكر اليمن والغارات الجوية دون الإشارة إلى وجود غارات جوية سعودية أمريكية في اليمن، باستثناء البرنامج المشار إليه سابقا ، والذي اعترف بوجود تلك الغارات في اليمن.
وكان أقرب تلميح ذكرته الشبكة عن الغارات الأمريكية هو إشارتها في برنامج إذاعي بعنوان " the Last Word With Lawrence O’Donnell" يوم 31 مارس 2017 .
في هذا البرنامج قال جوي ريد " كما أفادت شبكة النيويورك تايمز ، قامت الولايات المتحدة في هذا الشهر بشن غارات في اليمن أكثر مما فعلته في السنة الأخيرة بأكملها". لكن ريد كان يشير إلى تقرير النيويورك تايمز في 29 مارس 2017 بخصوص الغارات الأمريكية على تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية (والتي تبلغ العشرات من الغارات) لم يكن يشير إلى غارات التحالف الأمريكي السعودي على مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن (والتي هي بالآلاف).
أيضا قامت الشبكة بعمل تقارير إخبارية مخصصة لهجمات الحوثيين على السفن الحربية السعودية في سواحل اليمن، في حين تجاهلت غارات التحالف الأمريكي السعودي والتي قتلت آلاف المدنيين.
في برنامجه "" قام تود تشك بتغطية إيجابية لموقف ترامب ومستشاره للأمن القومي ضد إيران ، وبشكل مظلل قام تود بالتحدث عن الحوثيين كوكلاء لإيران معطيا الدبلوماسي الأمريكي السابق منبرا للادعاء بأن "إيران صانعة مشاكل عنيفة في الشرق الأوسط"، في الأول والثاني من فبراير قام أيضا كريس هايز بتغطية الهجوم الحوثي .
كانت الشبكة الإخبارية حريصة جدا على إبراز الهجمات التي يقوم بها أعداء أمريكا الرسميون، في حين أغفلت عشرات الآلاف من الطلعات الجوية السعودية في اليمن بمساعدة عسكرية وتموينية واستخباراتية من الولايات المتحدة .
لقد أدت سنوات من قصف التحالف الأميركي / السعودي والحصار المفروض على اليمن إلى إضعاف النظام الصحي للبلد الفقير، مما أدى إلى إصابته بوباء الكوليرا الذي أدى إلى مقتل آلاف الأشخاص كاسرا كل الأرقام التاريخية السابقة. لم تقم الشكبة بالإشارة ولو لمرة واحدة إلى هذه الكارثة وفقا للبحث على موقع الشبكة نفسها وموقع نيكسس. ولم تذكر الشكبة الكوليرا إلا في مرة واحدة في عام 2017 وفي سياق دولة هايتي وليس اليمن .
لا تهتم إلا حين يموت شخصا أمريكيا
بينما لم تقم الشبكة بازعاج نفسها بذكر وباء الكوليرا الكارثي في اليمن , فإنها أبدت الكثير من الاهتمام بالغارة الكارثية التي نفذها سلاح البحرية الأمريكية والمصدق عليها من الرئيس ترمب والتي نتج عنها موت أمريكي واحد.
بشكل خاص وفي بداية مبكرة من العام ، قامت الشبكة بتخصيص جزء كبير من تغطيتها لغارة يوم التاسع والعشرون من يناير والتي نتج عنها مقتل العشرات من المدنيين اليمنيين مقابل مقتل جندي أمريكي واحد .
ويظهر البحث في قاعدة بيانات نكسس بأن الشبكة الإخبارية قامت بذكر الغارة التي صدق عليها ترامب في ثلاثة وستين مقطعا إخباريا مختلفا في عام 2017.
كل برامج الشبكة الرئيسية انتجت مقاطع إخبارية ركزت على الغارة وهذه البرامج كالتالي :
MTP Daily” “ في" 31 يناير ،1 مارس ; " " All In" في" 2 ، 8 فبراير ، الأول من مارس "; For the R cord " في " 6فبراير" ; " The Last Word "في "6،8،27 فبراير ; " Hardball" في " الأول من مارس ; Rachel Maddow Show في " 2،3،23 فبراير، 6 مارس"
لكن بعد حذف هذه الغارة من الدورة الإخبارية وكذلك اليمن . يظهر بحث على موقع الشكبة بكلمة اليمن بأن آخر مقطع إخباري خصص لليمن في عام 2017 كان تقريرا في السادس من مارس عن الغارة الآنفة ضمن برنامج Rachel Maddow
الرسالة المراد إيصالها واضحة :بالنسبة للشبكة الإخبارية الأمريكية الليبرالية , اليمن غير مهمة إلا إذا مات شخص أمريكي وليس عندما يموت آلاف اليمنيين بغارات وقصف سعودي يومي بدعم بالوقود والأسلحة والاستخبارات من قبل أمريكا . وليست أيضا مهمة عندما يكون ملاييين اليمنيين على وشك الموت جوعا بينما يستخدم التحالف الأمريكي السعودي هذا الجوع كسلاح.
الاستنتاج بأن حياة الأمريكيين فقط جديرة بالاهتمام وتستحق ذكرها في الأخبار، يؤكده حقيقة أن ترامب قام بشن غارة كارثية أخرى في اليمن في الثالث والعشرين من مايو قتل خلالها العديد من المدنيين اليمنيين مرة أخرى . لكن لم يمت جنود أمريكيون في هذه الغارة ولذالك لم تهتم الشبكة بهذا الأمر. لم تقم الشبكة بتغطية هذه الغارة الثانية الخرقاء في اليمن .
اهتمام مستمر بروسيا
وفقا للبحث الذي أجراه نكسس على قواعد بيانات الشبكبة من الأول من يناير وحتى الثاني من يوليو من العام 2017, فإن كلمات اليمن واليمني واليمنيين ذكرت في ثمانية وستين مقطعا . كانت تتعلق بغارة سلاح البحرية أو قائمة الدول المستهدفة بقرار ترامب المتعلق بحظر سفر المسلمين
وفي ما يقارب الستة الأشهر منذ الثالث من يوليو وحتى نهاية ديسمبر لم تذكر كلمات اليمن أو اليمني أو اليمنيين إلا في 14 مقطعا. وفي أكثرية هذه المقاطع لم تذكر اليمن إلا مرة واحدة وبشكل عابر. وفي نفس فترة المائة وواحد وعشرين يوما والتي لم تخصص فيها الشبكة أي مقطع لليمن فإن كلمات روسيا الروسي الروس ذكرت في 693 مقطعا إذاعيا .
وهذا يفيد أنه في النصف الأخير من العام قامت الشبكة ببث عدة تقارير تتكلم عن روسيا أكثر ب 49 مرة مقارنة لما بثته عن اليمن أو بنسبة 4950 في المائة أكثر، في الحقيقة فإن الشبكة قامت في الأربعة الأيام الأخيرة من ديسمبر من 26 إلى 29 بذكر كلمة روسيا ..روسي.. روس تقريبا 400 مرة وفي ثلاثة وعشرين برنامجا اذاعيا مختلفا وعلى كل برامجها الرئيسية والمتضمنة :
Hardball, All In, Rachel Maddow, The Last Word, Meet the Press Daily and The Beat
وشهد اليوم التالي لعيد الكريسمس أكبر تغطية عن روسيا. ففي يوم 26 ديسمبر نطقت كلمات روسيا وروسي والروس بشكل كبير وفي 156 مرة في بث إذاعي من الساعة الخامسة بتوقيت الساحل الشرقي إلى الساعة الحادية عشرة مساء.
تفاصيل ما تم ذكره عن روسيا في ذلك اليوم موضحة فيما يلي :
في الساعة الخامسة مساء ذكرت 33 مرة في برنامج " “MTP Daily.
في السادسة مساء ذكرت 6 مرات في برنامج" The Beat".
في السابعة مساء ذكرت 30 مرة في برنامج " Hardball".
في الثامنة مساء ذكرت 38مرة في برنامج " All In" .
في التاسعة مساء ذكرت 40 مرة في برنامج " Rachel Maddow"
في العاشرة مساء ذكرت 9 مرات في برنامج " The Last Word (with Ari Melber filling in for O’Donnell)" و في هذا اليوم وحده قامت الشبكة بذكر كلمة روسيا تقريبا مرتين أكثر من عدد المرات التي ذكر اليمن فيها طوال العام 2017.
مراجع عابرة
بينما لم تقم الشبكة بتخصيص أي مقطع إذاعي عن الحرب في اليمن باستثناء برنامج Ari Melber’s lone المذاع في شهر يوليو ، فإنه تم ذكر اليمن بشكل متقطع ولكن بشكل عابر.
تشاريز هايز بشكل مختصر ذكر اليمن في مرات قليلة ولكنه لم يخصص مقطعا كاملا عنها .
في البرنامج الإذاعي يوم 23 مايو قام المستضيف بالقول " نحن نسلح ندعم السعوديين وهم يمارسون حرب بالوكالة في اليمن ضد المتمردين الشيعة الحوثيين".
وبصرف النظر عن حقيقة الحرب السعودية / الإيرانية بالوكالة المفترضة في اليمن والتي ألمح إليها هايز بشكل ظاهري ،على ما يبدو أنها نقطة حوار مضللة تمت تغذيتها من قبل الحكومة الأمريكية وأجهزة الاستخبارات
وبشكل طوعي ردد صداها في مختلف وسائل الإعلام الرئيسية (FAIR.org، 7/25 / 17)، مازال هايز لم يعترف بالضربات الجوية الأمريكية / السعودية التي أدت إلى مقتل آلاف المدنيين.
في مقابلة يوم 29 يونيو على برنامج" ALL In" تحدثت الناشطة الفلسطينية الأمريكية ليندا صرصور بالنيابة عن اللاجئين اليمنييين ضحايا الحرب بالوكالة التي نمولها" . هايز أضاف " من الذي يتضور من الجوع حتى الموت , لإننا بشكل أساسي نمول السعوديين لإبقائهم تحت الحصار "، كانت هذه لحظة نادرة لشبكة الإم إس بي إن سي والتي اعترف فيها بالحصار السعودي لليمن ، لكن لم تذكر الشبكة الغارات الجوية السعودية المدعومة أمريكيا والتي قتلت آلاف اليمنيين مرة أخرى .
في الخامس من يوليو تحدث هاير مستخدما تعابير متطرفة وقال "منذ تولي الرئيس منصبه ، مال إلى دعم السعودية في نزاعها مع اليمن ".
وبالنظر إلى ماوراء حقيقة أن استخدام كلمة "نزاع" في وصف الحرب الوحشية في اليمن والتي قتلت الآلاف يمثل مغالطة كبيرة, هايز فشل في الإشارة إلى أن الرئيس السابق أوباما مثل ترامب قد دعم السعودية في حصارها وقصفها لليمن.
راتشيل مادو قامت أيضا وبشكل مختصر بذكر الغارة الأمريكية الخرقاء في اليمن في برنامجها الإذاعي المعروض في 7 و 24 أبريل كما فعل هايز في 16 أكتوبر .
على برنامج "MTP Daily " وفي السادس من ديسمبر قام تشد تود بالتحدث بشكل مشابه عن اليمن وبشكل عابر ملاحظا :
اثأنه من المهم - توم - أن الرئيس يبدو أنه يمتلك هذه الدول الخليجية الحليفة.، لذا يعطيهم السلطة المطلقة لما يفعلونه في اليمن ، ثم يتعمد تجاهل تلك الأفعال .
لكن هذا هو ما هو عليه الوضع . باستثناء المقطع من برنامج "Ari Melber’s one-off July "في عام 2017 م, لم تقم الشبكة بعمل أي تغطية أخرى للحرب المدعومة أمريكيا في اليمن والتي انتجت الكارثة الإنسانية الأكبر في العالم .
ما يدعو للصدمة حقا هو أن الشبكة بشكل واضح تعتبر ناقدا متطرفا لترامب مع ذلك فإنها مرت مرور الكرام على واحدة من أفضل الفرص لإدانة سياساته ،عوضا عن تغطية أعمال ترامب الأكثر سوءا وعنفا،قامت الشبكة بتجاهل أعمال ترامب الحربية والتي نتج عنها موت الآلاف من المدنيين في اليمن .
ربما سلكت الشبكة هذا السلوك بسبب أن الرئيس الديمقراطي أوباما هو أول من أشرف على الحرب في اليمن لمدة سنتين تقريبا قبل أن يتولى ترمب منصب الرئيس. لكن المنافسة اليمينية لشبكة الإم إس إن بي سي "فوكس نيوز" قد أظهرت مرة بعد مرة أنه ليس لديها مشكلة في مهاجمة الديمقراطيين لفعلهم أشياء فعلها نظراؤهم الجمهوريون من قبل.
*نشرت المادة في موقع (fair) المتخصص بالتحليل الإعلامي ويمكن العودة إليها في الرابط هنا
*ترجمة خاصة بالموقع بوست.