الجارديان..
جمال على حافة الحرب.. مقالة مصورة للجارديان تحكي الوضع في اليمن شماله وجنوبه في ظل حكم المليشيا (ترجمة خاصة)
- ترجمة خاصة السبت, 27 مايو, 2023 - 06:01 مساءً
جمال على حافة الحرب.. مقالة مصورة للجارديان تحكي الوضع في اليمن شماله وجنوبه في ظل حكم المليشيا (ترجمة خاصة)

تحكي صور "ماتيا فلاتي" قصة اليمن في ظل الحكومة المعترف بها دوليا، الميليشيا، والقبائل المتعددة المسيطرة على الجزء الجنوبي من البلاد في ظل الحرب الأهلية ضد مليشيا الحوثي التي عصفت بالبلاد منذ نهاية العام 2014.

 

وأضاف "كوينتين مولر" كما روت له المصورة "ماتيا فلاتي" في تقرير نشرته صحيفة "الجارديان"، وترجمه للعربية "الموقع بوست": منذ قرابة 15 عام، كنتُ مقيما في العاصمة السورية دمشق، كمصور مستقل. لقد كنت محظوظا بتعرفي على اليمن قبل الحرب الأهلية التي بدأت في نهاية العام 2014. لقد ذهبت إلى هناك عدة مرات بحرية من شمالها إلى جنوبها، ووقعت في حب البلاد التي لم تكن معروفة من خارجها.

 

في بداية الحرب، كانت التقارير الضئيلة من البلاد تدور بشكل أساسي حول الصراع، لذا قررت العودة عدة مرات لإعطاء وجهة نظري الشخصية وزاوية لقصة بدت في غاية الأهمية بالنسبة لي.

 

 

إن هدفي من هذا هو محاولة إعطاء الكرامة المستحقة لهذا البلد. من المستحيل الحديث عن اليمن حاليا من دون الحديث عن الدمار والتفجيرات والإرهاب، لكني أريد كذلك تسليط الضوء على ثرائها الفائق: مناظر الطبيعة الخلابة، الهندسة المعمارية الفريدة والتراث الثقافي، قوة الناس، النساء على وجه الخصوص، وحقيقة أن في اليمن توجد العديد من مواقع اليونسكو التي هي الآن في معرض الخطر.

 

أريد أن أجعل اليمن أقرب إلى الناس من الخارج، حتى لا يكون لديهم فقط فكرة عن بلد بعيد مزقته الحرب، بل عن بلد مليء بالتاريخ، الغموض، والجمال.

 

ومع ذلك، من المهم بمكان كذلك إعطاء بعض السياق حول ما يحدث هناك. في نهاية صيف 2014، وقع الانقلاب الذي نفذته قوات الحوثي المتمردة في العاصمة اليمنية صنعاء.

 

 

من هم؟ في أوائل العقد الأول من القرن الماضي، تم تأسيس ميليشيا صغيرة في اليمن من أتباع الزيدية، وهي جزء من الإسلام الشيعي. إنهم يتبعون حسين بدر الدين الحوثي، الناشط الذي اعتاد التنديد بما يسمى بخيانة حكومة لشعبها، متهما إياها بالوقوف إلى جانب الولايات المتحدة وإسرائيل.

 

لقد حاولت الحكومة في ذلك الوقت، بقيادة الدكتاتور علي عبد الله صالح، الرئيس لمدة 30 عاما، إخضاع المتمردين بقمع عنيف. وفي العام 2004 قام الجيش بقتل الحوثي لكن أنصاره خلدوه بأخذ اسمه.

 

وبعد أعوام، في منتصف الربيع العربي لعام 2011، أضعفت الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية قوة الحكومة. وانضم الحوثيون إلى، والبعض يقول اختطفوا، المظاهرات.

 

وفي هذا السياق الفوضوي، استولى الحوثيون على بلدات في شمال البلاد في نهاية عام 2014، وخطوة بعد خطوة، حكم المتمردون الشمال الذي احتلوه بوسائل عنيفة.

 

 

وفي مارس 2015، اجتمعت السعودية وتحالف دول إسلامية أخرى لإعادة الحكومة اليمنية وطرد المتمردين. ولكن بعد ما يقرب من عقد من الحرب، فشل التحالف في القضاء على التمرد وقتل مئات المدنيين.

 

وتنقسم القوات المناهضة للحوثيين تحت مظلة الحكومة اليمنية ببطء إلى فصائل أمراء حرب متنوعة تمولها كلٌ من الإمارات والسعودية. ودعمت أبوظبي حركة انفصالية جنوبية، قررت في أغسطس 2019 مهاجمة الحكومة في عدن للمطالبة باستقلال الجنوب. كل هذه الصراعات تسببت في نزوح أكثر من 4 ملايين شخص.

 

وتستمر الحياة في عدن، حيث يقدم الشباب للعائلات ركوب الخيل على الشاطئ في عطلاتهم. ولجذب السياح المحليين، يحاول هؤلاء الأداء مع خيولهم.

 

وإلى الشمال، في محافظة مأرب، آخر معقل شمالي تسيطر عليه الحكومة، جعل مليوني نازح من جميع أنحاء اليمن العاصمة الإقليمية واحدة من أكثر المدن ازدحاما بالسكان في البلاد.

 

 

ويقول سيف ناصر مثنى، المسؤول عن مخيمات النازحين في المدينة، إنهم استقبلوا 12 ألف عائلة نازحة بسبب هجمات الحوثيين عام 2021. وقال: "لدينا الآن 189 مخيما في المدينة وفي (الوادي)". وأضاف "نحن نقدم الحد الأدنى من الخدمات لهؤلاء الأشخاص، كون أكثر من نصف ميزانية المحافظة يذهب إلى المجهود الحربي. إن التحدي الذي نواجهه هو توصيل الكهرباء لهذه المخيمات وبناء المدارس حتى يحصل الأطفال أخيرا على التعليم".

 

وقال المثنى "إنه في العام 2022، انخفضت المساعدات الإنسانية بما نسبته 75٪. وبرغم كل الصعوبات التي واجهتنا، استقبلت القبائل مختلف اليمنيين من كل مكان بدون عنصرية. ويأتي هؤلاء النازحون بمهارات ومعارف مكنت المدينة من التطور".

 

فبينما يسقط شمال البلاد في ظل حكم ديني عنيف تحت قيادة المتمردين الحوثيين، بينما في الجنوب يسيطر انفصاليون تدعمهم الإمارات وينزلقون إلى إدارة قمعية، فإن مأرب لها تطلعات سياسية خاصة بها.

 

 

ويحاول بذلك المحافظ سلطان علي العرادة، المسؤول عن المدينة منذ عام 2012، بناء نموذج يمني جديد.

 

ففي سبتمبر 2014، تمكن من توحيد جميع القبائل المحلية لإنشاء جبهة مشتركة ضد المتمردين. قبيلة بني شداد مثال على ذلك. فقد أصبحت أرضها، في عام 2015، جبهة رئيسية تقع في الصحراء الشمالية لمدينة مأرب، وهي منطقة تسمى رغوان. إنه من الصعب الدفاع عن أراضيها الشاسعة، حيث تمتد خطوط المواجهة على طول الصحراء.

 

وبينما لا يزال التذمر قائما بين القبائل في مأرب، تظل المدينة المنطقة الوحيدة للتعاون الكامل بين الجيش الوطني والقوات القبلية.

 

 

ففي عام 2015، أعاد العرادة إرساء قواعد العدالة عبر تعيين قضاة جدد وإغلاق محلات بيع الأسلحة داخل المدينة، والذي أدى إلى انخفاض الجرائم بما نسبته 70٪. كما جرى إنشاء لواء من ضابطات الشرطة. كما قام بالتفاوض على 20٪ من عائدات النفط والغاز مع الحكومة المركزية. وبفضل هذه الإيرادات، ينتهج سياسة تطوير البنية التحتية والخدمات العامة، بما في ذلك شبكة من الطرق والمدارس والإضاءة العامة وحتى ملعب كبير لكرة قدم.

 

 

يقول العرادة "نريد أن ينتشر النموذج السياسي الذي نصنعه هنا في كل مكان في البلاد. بدون الحرية، لا يمكن للحكومة أن تكون مستقرة. لذلك علينا أن نسمح للناس بالتعبير عن آرائهم".

 

كما يجري حاليا بناء مطار مدني. الموظفون المدنيون كذلك يتلقون رواتبهم الشهرية، وهو أمر نادر الحدوث في اليمن منذ بداية الحرب.

 

---------------

 

* ماتيا فلاتي: مصور صحفي إيطالي يتردد على اليمن منذ سنوات، ويلتقط الصور الفوتوغرافية للمناظر والمواطنين.

 

* كوينتين مولر: صحفي فرنسي زار مؤخرا اليمن، وأنجز تحقيقا استقصائيا عن التلوث الذي أحدثته شركة توتال الفرنسية شرقي اليمن.

 

*يمكن الرجوع للمادة الأصل : هنا

 

*ترجمة خاصة بالموقع بوست


التعليقات