قوات طارق صالح في الذكرى الثالثة لتأسيسها.. بين أحلام العودة للحكم والمطامع الإماراتية
- أكرم ياسين الجمعة, 30 أبريل, 2021 - 12:39 صباحاً
قوات طارق صالح في الذكرى الثالثة لتأسيسها.. بين أحلام العودة للحكم والمطامع الإماراتية

[ طارق صالح في الساحل الغربي ]

احتفلت قوات ما يسمى بـ"حراس الجمهورية" بذكرى تأسيسها الثالثة وهي قوات أنشأتها دولة الإمارات في أبريل/نيسان 2018 وزودتها بترسانة أسلحة حديثة ومتطورة ويقودها العميد طارق محمد عبد الله صالح نجل شقيق الرئيس السابق على عبدالله صالح، الذي قتل على يد حلفائه الحوثيين في ديسمبر/ تشرين ثاني 2017.

 

ومنذ تأسيس تلك القوات التي لا تعترف بشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي وهي تثير لغطاً في أوساط الشارع اليمني ونخبه السياسية والعسكرية، وما يزال الهدف الحقيقي من إنشائها مثار تساؤلات عديدة لدى المهتمين بالشأنين السياسي والعسكري اليمني على المستويين المحلي والدولي.

 

من حليف للحوثي إلى حارس للجمهورية

 

التساؤلات وعلامات الاستفهام المثارة حول قوات "حراس الجمهورية "تبدأ حول قائدها العميد طارق وخلفيته العسكرية والسياسية باعتباره كان قائداً لقوات الحرس الخاص واللواء الثالث حرس رئاسي وهي قوات ذات تدريب عالي وكانت مكلفة بالحماية الشخصية لعمه الرئيس السابق صالح الذي تحالف مع الحوثيين وقادا انقلاباً عسكرياً ضد حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي المعترف بها دولياً والتي تشكلت عقب ثورة 11فبراير/شباط2011 بناء على المبادرة الخليجية وآلية نقل السلطة من صالح الى نائبه عبد ربه منصور، خاض العميد "طارق" بتلك  القوات عمليات عسكرية الى جانب الحوثيين ضد التحالف العربي، والجيش الوطني اليمني المناهض لانقلاب الحوثيين، إلا أن الخلافات عصفت بتحالف الحوثي وصالح ودفعت بالأخير لإعلان ثورة ضد حليفه الحوثي عرفت بثورة 2 ديسمبر 2017 تمكن الحوثيون بعد معارك ضارية من إخمادها والتخلص من صالح، بينما تمكن طارق من الهرب إلى عدن بطريقة هي الأخرى أثارت عديد علامات استفهام وشكوكا عن علاقة ضلوع دولة الإمارات العربية المتحدة الشريك الأبرز للمملكة العربية السعودية في التحالف العربي ضد جماعة الحوثي، تلك الشكوك عززت مصداقيتها المهمة التي أنيطت بالعميد "طارق" وتصريحاته غير المعترفة بشرعية الرئيس هادي.

 

تضم قوات "حراس الجمهورية"، ما يزيد على 11 لواءً عسكرياً جل أفرادها من التشكيلات العسكرية التي الموالية للرئيس السابق على عبد الله صالح وأفراد عائلته وتحت قيادتهم، الذين انشقوا بعد مقتل على عبد الله صالح، بالإضافة لبعض الموالين له وأعضاء حزبه "المؤتمر الشعبي العام" الناقمين على ثورة الشباب .

 

تتخذ تلك القوات من ميناء المخا وهو ميناء قديم يقع على السواحل الغربية لليمن ويتبع إدارياً لمحافظة تعز مقراً لقيادتها العسكرية.

 

حظيت تلك القوات منذ تأسيسها في أبريل/نيسان 2018 بدعم ورعاية إماراتية مطلقة وعتاد عسكري حديث ونوعي تميزت من خلاله عن بقية القوات المشاركة في الحرب ضد جماعة الحوثي، ويتسلم أفرادها رواتبهم بالريال السعودي وبشكل منتظم، وشاركت بصورة محدودة في معركة تحرير مدينة الحديدة إلى جانب المقاومة التهامية وألوية العمالقة (ألوية جنوبية يشكل السلفيون الغالبية فيها ويقودها العميد الجنوبي أبو زرعة المحرمي) وهي الأخرى اتسمت علاقتها مع قوات حراس الجمهورية وقائدها العميد طارق بعدم الثقة والإرتياح المتبادل والموقف من شرعية الرئيس هادي ذات الموقف الارتيابي صبغ علاقة تلك القوات مع "المقاومة التهامية".

 

أدى توقيع حكومة الرئيس هادي لاتفاق ستوكهولم السويد في 13ديسمبر /كانون أول 2018 مع جماعة الحوثي والذي فرض هدنة طويلة الأجل على معركة تحرير مدينة الحديدة إلى دخول قوات "حراس الجمهورية "ما يمكن تسميته بالكمين العسكري وتوقف أعمالها القتالية نهائياً مع الحوثيين وهو الذريعة التي ما فتئ يعلق عليه قائدها طارق سبب توقف عمليات قواته القتالية ضد الحوثيين بالساحل الغربي.

 

مليشيات غير شرعية

 

يقول الخبير العسكري المتقاعد العميد عبده محمد الوهباني إن قوات حراس الجمهورية هي مليشيات غير شرعية تم إنشاؤها من قبل دولة الإمارات ولم يصدر قرار من الرئيس هادي القائد الأعلى للقوات المسلحة بتشكيلها أو بتعيين قائدها كما تقضي اللوائح والنظم العسكرية، ناهيك عن أن هذه المليشيات لا تعترف أصلاً بشرعية الرئيس هادي.

 

هي أداة إماراتية بامتياز لغرض تنفيذ أجندات خارجية تهدف لخلط الأوراق وتشتيت جهود الشرعية وتمزيق حالة الانسجام السائدة بين الجيش الوطني ومكونات الشعب فلم تخض تلك القوات أي معركة حقيقة ضد جماعة الحوثي، فالساحل الغربي ابتداء من ميناء المخا من محافظة تعز وصولاً إلى تخوم مدينة الحديدة على ساحل اليمن الغربي تم تحريره من قبل قوات العمالقة والمقاومة التهامية، وبضغوط مارستها دولة الإمارات لدى قيادة التحالف العربي تم تسليم تلك المناطق لقوات حراس الجمهورية كما يقتضي المخطط الإماراتي.

 

وفي ذات السياق يؤكد المحلل السياسي اليمني بشير العزعزي أن قوات حراس الجمهورية أنشأتها دولة الإمارات بعيداً عن موافقة السلطة الشرعية وإشرافها كغيرها من النخب والتكوينات العسكرية المليشياوية لأهداف لم تعد خافية على أحد ولا علاقة لها بمعركة استعادة الدولة التي يزعم التحالف أنه يخوضها في اليمن.

 

وبحسب السياسي العزعزي فأبو ظبي حملت عند تدخلها ضمن دول التحالف العربي في اليمن مشروعا تآمرياً يهدف إلى تمزيق اليمن ووحدته وسلامة أراضيه، مشيرا إلى مواقف بعض القوى السياسية الكيدية وناشطيها المحسوبين على الشرعية بزعم سيطرة حركة الإخوان المسلمين على السلطة والجيش الوطني وأنها ستكون البديل فيما لو تم القضاء على الإنقلاب.

 

ووفقا للعزعزي فإن طارق يبحث عن دور سياسي مستقبلي خارج إطار الدولة الشرعية والدستورية وإعلانه تشكيل ما سمي بالمجلس السياسي مؤخرا هو بمثابة الجناح السياسي لمليشيات ثالثة أنشأتها دولة الإمارات على غرار مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي إلى جانب جماعة الحوثي وجميعها تخدم أجندات استعمارية تآمرية ضد اليمن.

 

واختتم العزعزي تصريحه لـ"الموقع بوست" بالقول إن طارق صالح لا يرى في الجمهورية غير نظام عمه العائلي الذي ثار الشعب ضده، وتحت وهم استعادة العرش السليب ارتضى طارق صالح بأن يقدم سيادة اليمن ووحدته قرباناً للطامع الأجنبي.

 

حقيقة العداء للحوثي

 

وعن حقيقة العداء الذي يدعيه طارق لجماعة الحوثي يقول العميد عبده محمد إن طارق حارب إلى جانب الحوثيين حين تحالف عمه صالح معهم والذين سلمهم الجيش وكل مؤسسات الدولة بكل عتادها وكذلك الجمهورية التي يزعم الآن استعادتها.

 

ومنذ إنشاء قوات حراس الجمهورية قبل 3 سنوات لم تخض تلك القوات أي معركة حقيقة مع الحوثيين، بل على العكس فتلك القوات مثلت ترانزيت  ومعسكرات تدريب تزود جماعة  الحوثي بالمقاتلين، ولم يحدث في التاريخ العسكري أن تنظم كتائب بكامل عتادها إلى العدو كما يحدث من قبل قوات حراس الجمهورية، وهي قوات يغلب عليها الجهوية وتبحث عن شرعية غير شرعية الرئيس "هادي" المعترف بها دولياً .

 

وأضاف العميد عبده محمد أن قوات ما يسمى بحراس الجمهورية رغم الترسانة الكبيرة من الأسلحة الحديثة التي تمتلكها إلا أنها رفضت دعوة السلطة المحلية بمحافظة تعز لمساندة الجيش الوطني في الجبهة الغربية في معركة فك الحصار رغم قرب تلك الجبهة من مسرح عمليات قوات حراس الجمهورية.

 

سلطة أمر واقع

 

من جهته اعتبر المحامي عبد العزيز اليوسفي أن قوات حراس الجمهورية غير قانونية، كونها سلطة أمر واقع وأدوات بيد مستعمر أجنبي وأن ما تمارسه تلك القوات من انتهاكات بحق أبناء المناطق الخاضعة لسيطرتها، تعد جرائم ضد الإنسانية ولا تسقط بالتقادم ويجب إخضاع مرتكبيها للعدالة، ناهيك عن أن قائدها طارق هو أحد أبرز المتهمين مع الرئيس السابق صالح وعائلته بارتكاب جرائم قتل بحق المتظاهرين السلميين إبان ثورة 11 فبراير /شباط 2011، وكذلك تحالفه مع جماعة  الحوثي الانقلابية والجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب اليمني.

 

سجل انتهاكات

 

لم تكن قضية الشيخ توفيق السبئي الذي ظل مختطفاً ومخفياً لدى مليشيات طارق لمدة عام ونصف بتهمة الإرهاب الوحيدة في سجل انتهاكات قوات ما يسمى بحراس الجمهورية ضد المواطنين الأبرياء، لكنها كشفت النهج القمعي الذي تمارسه أدوات ومليشيات الإمارات بحق المواطنين الأبرياء.

 

فالضحايا الذين تواصل معهم "الموقع بوست" ألجمهم الخوف من البوح ولو بالفائض من الغبن والقهر نتيجة التعسفات الهمجية التي تمارسها قوات حراس الجمهورية ضد أبناء الساحل الغربي لليمن.

 

الجرائم التي توزعت بين القتل العمد واقتحام المنازل ونهب الأراضي والاعتقالات، أضحت ممارسات تنغص حياة المواطنين في تلك المناطق وأجبرت بعضهم على النزوح.

 

ما يزال المواطن على عبده سالم معتقلاً لدى قوات حراس الجمهورية منذ شهر ونصف  تقريبا، وحتى إعداد هذا الملف في 28 أبريل /نيسان الجاري.

 

"على عبده سالم "كما أفاد لـ"الموقع بوست" أحد أقربائه أنه اختطف من منزله تحت تهديد السلاح واقتادوه إلى جهة مجهولة، وبعد متابعة أقربائه لمصيره لدى مكتب طارق، أخبروهم أنه في سجن معسكر أبو موسى الأشعري، أحد السجون السرية التابعة لحراس الجمهورية بالقرب من مدينة المخا، ولكنهم رفضوا كما قال أحد أقربائه إخبارهم عن تهمته أو سبب اعتقاله.

 

تمتلك قوات طارق صالح سجوناً سرية في مناطق سيطرتها أشهرها سجن عنبرة في مدينة المخا.

 

يعد نهب أراضي المواطنين بقوة السلاح النهج الأبرز لضباط وقيادات حراس الجمهورية، فبالرغم من قيام دولة الإمارات بإنشاء مدينة سكنية لهم تتكون من 500 وحدة على أراضي الدولة والمواطنين، بدأ تنفيذ المرحلة الأولى منها في يناير/كانون الثاني 2020، إلا أن مذكرة رفعها موظفو محطة المخا البخارية لمدير مديرية المخا عبد الرحيم الفتيح تفيد بقيام قوات طارق بالسطو بالقوة على الأراضي التي خصصتها الدولة لهم.

 

وبعيدا عن المزاعم التي يردها طارق ومناصريه حول استعادة الجمهورية ومحاربة جماعة  الحوثي الإنقلابية، إلا أن الغالبية في الشارع اليمني يعتبرونها أدوات سياسية وعسكرية لدولة الإمارات العربية المتحدة  وتخدم أهدافها التآمرية لا تقل خطرا على  اليمن ووحدته واستقراره من مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي والمليشيات الحوثية.


التعليقات