الأكواخ منازلهم والأوبئة تفتك بهم..
يعيشون الجحيم.. "الموقع بوست" ينقل معاناة نازحين في حجة لا تعرفهم المنظمات (تقرير مصور)
- حجة - خاص الإثنين, 12 يوليو, 2021 - 10:00 صباحاً
يعيشون الجحيم..

[ الأكواخ والمنازل الطينية هي ملاذ النازحين في حجة - الموقع بوست ]

بين الكثبان الرملية، في صحراء قاحلة مترامية الأطراف، تقع على بعد (13) كيلومتر مربع من الحدود اليمنية السعودية، وفي درجة حرارة تتجاوز 40 درجة مئوية، تعيش أكثر من 800 أسرة مقيمة، وحوالي 300 أسرة نازحة، معظمهم من النساء والأطفال، أوضاعاً إنسانية صعبة للغاية.

 

ووفقا لإدارة مخيمات النازحين في محافظة حجة شمال غربي اليمن، تواجه أكثر من أربعة آلاف أسرة، منها (1200) أسرة نازحة، وضعا إنسانيًا يزداد سوءاً، في ظل تصاعد القتال بين القوات الحكومية المعترف بها دولياً وجماعة الحوثي، والغياب التام للمنظمات الأممية والإنسانية.

 

 

الأكواخ منازل وأوضاع

 

وسط أكواخ مبنية من القش، وأغصان الأشجار، وخيام متداعية بفعل درجة الحرارة والرياح والأمطار، يقع منزل محمد الفايدي، البالغ من العمر 72 عاماً، والنازح مع عائلته من مدينة حرض إلى عزلة بني فايد بمديرية ميدي، منذ أكثر من ستة أعوام، وينام على سريره التقليدي في إحدى زوايا الكوخ، الذي لا يحميه من درجة الحرارة المرتفعة نتيجة إصابته بمرض أفقده حاسة السمع.

 

يقول ابنه عبده محمد الفايدي (45 عاما)، ورب أسرة مكونة من 13 فردا، لـ"الموقع بوست": "نزحتُ منذ بداية الحرب إلى عزلة بني فائد بمديرية ميدي مع كثير من جيراني من مناطق حدودية متفرقة إلى هذا المكان الذي يفتقد لأبسط وسائل الحياة، وبعيدا عن المنظمات الإنسانية، أو أي جهات يمكن أن تقدم لنا مساعدات إغاثية".

 

 

يتساءل عبده عن دور المنظمات الإنسانية، قائلا إنها تعمل في عموم مناطق اليمن، لكن للأسف تعد شبه غائبة في المناطق التي تحت سيطرة الحكومة الشرعية، بعد دحر الحوثيين. يضيف: "لماذا لا تعمل المنظمات الإنسانية هنا؟".

 

اقرأ أيضا: تضرر تجارة وزراعة الأراك شمال غرب اليمن بسبب الحرب وإغلاق المنافذ

 

يوضح الفايدي أن المناطق المحررة بمحافظة حجة تعاني الحصار من قبل الحوثيين منذ خروجهم منها، ويعلق قائلا: "نحن في حصار، ولا يوجد لدينا منفذ، ونعاني معاناة شديدة في خيام الإيواء، وفي كثير من متطلبات الحياة". ويردف بالقول: "ظروفنا المعيشية صعبة، ودرجة الحرارة في مناطقنا التهامية مرتفعة للغاية، ونعيش في خيام متهالكة".

 

 

وجبتين في اليوم فقط

 

بالقرب من كوخ محمد الفائدي، تسكن فاطمة أحمد جربحي (65 عاما)، والتي نزحت مع بناتها الخمس، من مديرية عبس إلى مديرية ميدي جراء الصراع الدائر بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي، وتصف في حديثها لـ"الموقع بوست" حياتها مع أطفالها هناك بغير المستقرة، قائلة: "منذ بداية الحرب حتى الآن ونحن في نزوح متواصل، أطفالنا لا يحصلون على الغذاء الكافي، ملابسهم متهالكة ولا تحمي أجسامهم، ونعيش يوميا على وجبتين فقط تسد جوعنا".

 

الكوخ الذي تتخذه فاطمة منزلا جدرانه بُنيت من الطين، وسقفه من القش، وأغصان الأشجار، وبجوارها تمتد عدة خيام متهالكة لنازحين آخرين، تقول فاطمة عن منزلها إنه لا يحميها من برد الشتاء، ولا حرارة الصيف، ولا من غبار الصحراء، وجميع هذه الظروف أثرت على ملامحهم وأجسام أطفالهم.

 

 

أمراض وأوبئة

 

يعاني معظم النازحين في عزلة بني فايد بمديرية ميدي من أمراض مختلفة انتشرت في مخيماتهم، وأصابت بشكل خاص الأطفال والنساء، نتيجة المياه الملوثة، وسوء التغذية، وانعدام وسائل الوقاية والحماية، وقلة الوعي في أوساط النازحين.

 

يقول حسن مصبح جربحي، وهو من أعيان عزلة بني فايد، لـ"الموقع بوست"، إن ارتفاع درجات الحرارة في موسم الصيف ضاعف من معاناة النازحين خاصة كبار السن والأطفال والنساء، في ظل الغياب التام لأغلب المنظمات الدولية، والجهات الداعمة التي كان من الممكن أن تخفف قساوة العيش في مخيمات عزلة بني فايد التي بلغ عدد قاطنيها من النازحين ما يقارب 300 أسرة.

 

وفي إحصائية مخيفة تعكس مستوى المأساة الإنسانية التي خلفتها الحرب الدائرة في اليمن منذ نحو ستة أعوام، أعلن برنامج الأغذية العالمي في 24 أيار/ مايو من هذا العام أن حوالي 50 ألف شخص في اليمن يعيشون بالفعل في ظروف شبيهة بالمجاعة، وخمسة ملايين شخص في خطر داهم، بينما يموت طفل كل عشر دقائق بأمراض يمكن الوقاية منها، مثل الإسهال، وسوء التغذية، والتهابات الجهاز التنفسي.

 

 

الحرب تضاعف أعداد النازحين

 

يقول نجيب السعدي رئيس الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين لـ"الموقع بوست" إن أزمة النزوح في اليمن ليست وليدة اليوم، أو وليدة الحرب الجارية، ويشير إلى أن موجات النزوح في اليمن بدأت في العام 2004 بسبب الحرب بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، والتي أدت لنزوح الكثير من المواطنين في محافظة صعدة شمالي اليمن، إما بسبب الحرب، أو بدافع الانتقام من قبل جماعة الحوثي، وفق السعدي.

 

يضيف السعدي: "يوجد في اليمن أكثر من (1220) مخيما وتجمعا للنازحين، منها (774) في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، وأكبر هذه المناطق اكتظاظا بالنازحين هي مدينة مأرب التي نزح إليها نحو مليونان و200 ألف نازح"، ويتابع بالقول: "كثير من المخيمات تعرضت للقصف المباشر في مأرب، وهناك (35) مخيما في الحديدة استهدفت عسكريا".

 

 

وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة في وقت سابق نزوح نحو 37 ألف شخص في اليمن منذ بداية العام الجاري، جراء الحرب الراهنة، وقالت المنظمة في تقرير لها إنها رصدت منذ الأول من يناير/كانون الثاني إلى الثاني عشر من يونيو/حزيران خلال العام الجاري نزوح ستة آلاف و121 أسرة، أي ما يعادل 36 ألفا و726 فردا.

 

وفي إحصائية حديثة كشفت المنظمة أنها رصدت خلال سبعة أيام ففقط نزوح 169 أسرة، بما يعادل 1014 فردا، خلال الفترة من السادس حتى الثاني عشر من يونيو/حزيران المنصرم.

 

 

وفي وقت سابق، حملت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً جماعة الحوثي المسؤولية الكاملة عن عرقلة وإفشال جهود تحقيق السلام وإيقاف الحرب، مؤكدة في الوقت نفسه أن يدها ستضل ممدودة للسلام.

 

أما جماعة الحوثي فهي الأخرى ترى أن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن سبب مباشر لعملية النزوح وتضاعف النازحين، جراء الحصار الذي تقول إن التحالف يفرضه على البلد منذ سنوات.

 


التعليقات