[ بيانات تظهر حركة الإنترنت في اليمن ]
عندما علمت الفتاة الشابة أمل أن اشتباكات عنيفة اندلعت بين المتمردين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، حاولت الاتصال بالمنزل لأنها عرفت العنف الذي وقع بالقرب من منزل عائلتها في العاصمة صنعاء.
حاولت الوصول إلى عائلتها باستخدام مختلف تطبيقات الرسائل النصية من خارج البلاد، بدأت تخشى أن يكون قد حدث لهم شيء لأنها رأت آخر ظهور لهم على الفيسبوك منذ وقت طويل، لكنها استطاعت التواصل معهم عبر الهاتف في آخر المطاف.
تجربة أمل، وغيرها الكثير من التجارب، تعطي لمحة عن الكيفية السيئة لخدمة الإنترنت في اليمن وما تسبب من اضطرابات في بلاد تعيش حرباً أهلية.
ومنذ ما يقارب الثلاث سنوات، دخلت اليمن في نزاع مسلح، حيث يقاتل المتمردون الحوثيون للاستيلاء على السلطة من حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي المعترف بها دولياً، والتي يدعمها التحالف الذي تقوده السعودية.
وكانت القوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي أزيل من السلطة بعد احتجاجات الشوارع في عام 2011 قد خاضت المعارك إلى جانب الحوثيين إلى أن غير صالح موقفه ودعا إلى الحوار مع السعودية، وفي 4 ديسمبر / كانون الأول 2017، قتل الحوثيون صالح.
وبعد مرور بضعة أيام على انتهاء الاشتباكات بين الحوثيين والقوات الموالية لصالح، تم إقفال الإنترنت لمدة 30 دقيقة في 7 ديسمبر / كانون الأول بين الساعة 10:30 مساء والساعة 11:00 مساء بالتوقيت المحلي.
ثم تم استعادة خدمة الإنترنت في وقت لاحق، ولكن في نفس الوقت تم حظر الفيسبوك الذي يعد واحدة من المواقع الأكثر شعبية في اليمن، وفقا لبيانات حركة المرور على شبكة الإنترنت وتويتر وتطبيقات الرسائل الفورية الواتساب والإيمو وتيلغرام الذي كان سابقا محظورا في عام 2016 قبل أن يتم استعادة الوصول إليه في أوائل عام 2017، كما تم حظر مواقع المؤسسات الإخبارية التابعة للرئيس السابق صالح والحزب السياسي الذي أسسه.
ووقع هذا الحظر من الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء، فقد سيطروا على وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وتتحكم الوزارة بسرفرات (دنس) اليمنية ومزود خدمة الإنترنت الوحيد في اليمن يمن نت.
وبعد ستة أيام، في 13 ديسمبر، رفعت شبكة يمن نت الحظر على منصات وسائل التواصل الاجتماعية وتطبيقات الرسائل، على الرغم من أن سرعة الإنترنت ظلت أبطأ بكثير من المعتاد.
أبطأ سرعة إنترنت في العالم
اليمن لديها بالفعل أدنى سرعة إنترنت في العالم وفقاً لأكاماي، وهي شبكة بث الإنترنت ومقرها الولايات المتحدة. وخلص تقرير أكاماي للربع الرابع لعام 2016 إلى أنه "على الرغم من أن زيادة اليمن بنسبة 85٪ لتصل إلى 1.3 ميغابت في الثانية، فإن اليمن لا يزال البلد المؤهل بأقل متوسط اتصال".
وفي يوليو / تموز 2016، اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة قرارا تاريخيا يدين إغلاق الإنترنت باعتباره انتهاكاً لحقوق الإنسان، وفي حالة الحرب، يمكن أن يؤدي الانقطاع في شبكة الإنترنت والاتصالات إلى مشاكل أخطر.
وقال فهمي البحيث، رئيس الفرع اليمني لجمعية الإنترنت (إيسوك) "إن توفر الوصول إلى الإنترنت خلال النزاعات المسلحة هو أكثر أهمية من الظروف العادية".
وأكمل قائلاً: أثناء النزاعات المسلحة، يستخدم الناس الإنترنت للتعرف على الوضع المحيط بهم، والبقاء على إطلاع على آخر التطورات فيما يتعلق بوضعهم الأمني، والتواصل مع الآخرين والتحقق من سلامتهم أو لطلب المساعدة والرعاية ولسائل الإعلام العاجلة.
ووفقا لاختبار أجري في 18 ديسمبر باستخدام خدمة اختبار سرعة الإنترنت Fast.com، كان الإنترنت في اليمن يعمل بسرعة تحميل 130 كيلوبايت في الثانية (0.13 ميغا بايت في الثانية). هذا هو أبطأ عشر مرات من متوسط السرعة، وهو بطيء بالفعل، ويعد أبطأ سرعة الإنترنت من بين التدابير التي تستخدمها الأنظمة لقمع الحقوق الرقمية للمستخدمين.
وأضاف البحيث أن إنهاء احتكار شبكة "يمن نت" لتوفير خدمات الإنترنت سيكون حلا لمعالجة القضايا الراهنة المتعلقة بالوصول إلى الإنترنت في اليمن.
وتناول تقرير صادر عن مجموعة حقوق الإنترنت في بيروت (سمكس) المزيد من التفاصيل حول الوضع: كان العديد من المستخدمين على الإنترنت اشتكوا من أن الإنترنت كان بطيئا بشكل عام قبل أن يغلق من قبل الحوثيين يوم الخميس وأصبح يتباطأ عمداً يعد ذلك.
وقال وليد السقاف، المؤسس المشارك ورئيس إيسوك- يمن ل(سمكس) إن يمن نت تقتحم بانتظام الإنترنت ويحدث المشاكل فيه.
وقال عمرو مصطفى، منسق البرنامج في المنظمة اليمنية للتنمية والتبادل التكنولوجي "البطء في السرعة تعرقل الاستخدام الفعال للإنترنت في التواصل: على سبيل المثال، عندما يحتاج المستخدم إلى استثمار خمس عشرة دقيقة أو في بعض الأحيان أكثر من وقته لإرسال بريد إلكتروني أساسي مع المرفقات، أو عندما يصبح من المستحيل استخدام يوتيوب لنشر الأخبار"، وأضاف "تصبح هذه المهام امتيازاً غير متاح لمعظم مستخدمي الإنترنت في اليمن".
وفي الآونة الأخيرة، يحاول مستخدمو الإنترنت اليمنيون إيجاد أدوات للتحايل على الإنترنت لتجاوز الرقابة، بعضهم يستخدم شبكات افتراضية خاصة (VPN) للتواصل وتبادل الأخبار مع أسرهم وأصدقائهم داخل اليمن وخارجه، على الرغم من أن هذه الأدوات يمكن أن تبطئ في بعض الأحيان سرعة الإنترنت، وبدأ عدد من المستخدمين باستخدام تطبيق الرسائل الآمنة عبر (سيجنال)، لأنه لم يكن من بين التطبيقات المحظورة.
يمكن للمستخدمين الذين يرغبون في تحديد أو الإبلاغ عن الرقابة على منصات معينة أو مواقع الويب استخدام أوني، مشروع البرمجيات الحرة والتطبيق مدعوم من تور "والتي تهدف إلى تمكين الجهود اللامركزية في زيادة الشفافية في الرقابة على الإنترنت في جميع أنحاء العالم".
تاريخ من تقييد حرية التعبير على الإنترنت
للسلطات اليمنية تاريخ طويل من الانتهاكات ضد حرية التعبير والرأي، والحق في الحصول على المعلومات، وتعود هذه الانتهاكات إلى حكم الرئيس السابق صالح، عندما بدأت الحكومة في منع المواقع التابعة للمعارضة من عام 2005 حتى عام 2011. وفي عام 2012 رفع الحظر المفروض على جميع المواقع.
ومع ذلك، مع بداية الحرب الأخيرة في عام 2015، وفي ظل سيطرة الحوثيين على العاصمة، حيث توجد سرفرات دنس، منعوا الوصول إلى العديد من المواقع الإخبارية اليمنية والإقليمية التي تعارض سياساتهم، وفي مايو 2016، قاموا بحظر تيلغرام وإنستقرام لعدة أشهر، وفي أكتوبر من نفس العام تم حظر الواتساب لعدة أيام.
وقد تم توفير الإنترنت لأول مرة للاستخدام العام في اليمن في عام 1996 من خلال يمن نت، وهي شركة تابعة لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، والتي لا تزال المزود الوحيد للخدمات في البلاد وهي الشركة المملوكة للحكومة والتي تدير شبكات الهاتف الثابت والمتنقلة، كان هناك 4.2 مليون مستخدم للإنترنت في اليمن بحلول نهاية عام 2015. ووفقا لبيانات لايف ستريت، ارتفع هذا العدد ليصل إلى 6،773،228 مستخدم في يونيو 2016، أي 24.7٪ من السكان.
حالياً، تسعى حكومة هادي المعترف بها دولياً، والتي مقرها محافظة عدن، إلى فصل المناطق التي تسيطر عليها من خلال إنشاء سرفرات دنس في عدن وربط المحافظة عبر كابل بحري دولي. وإذا نجح هذا الإجراء، فإنه يمكن أن ينهي احتكار الحوثيين لقطاع الاتصالات. وقد يؤدي ذلك إلى وضع حد للرقابة وزيادة سرعة الإنترنت في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة هادي، ما لم يختار هو أيضا ممارسة الرقابة والمراقبة، وإبطاء الإنترنت.
*نشرت المادة في موقع (globalvoices) ويمكن العودة لها على الرابط هنا
*ترجمة خاصة بالموقع بوست.